:- واقع التعليم في الوطن العربي
:- واقع التعليم في الوطن العربي
سنركز في هذا الفصل على واقع التعليم في الوطن العربي باعتبار أن الطالب أحد أهم ركائزه.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية وبعد هزيمة فرنسا، شعر الناس بخيبة أمل فادحة، وفي ظل هذا التشاؤم من حرب خاسرة طرح شارل ديجول سؤالاً ذا مغزى حين سأل عن أوضاع التعليم في فرنسا وعن حالة الجامعات وعن القضاء، فأُخبر أن التعليم والقضاء بخير، فعلَّق قائلاً: "إذن فرنسا بخير"؛ ويُفهم من هذا أن حالة التعليم في دولة ما هي محك نجاح الدولة وتقدمها وصحوتها بعد كبوتها. وقد سُئل أحد الساسة أيضاً عن رأيه في مستقبل أمة فقال: "ضعوا أمامي منهجها في الدراسة أنْبئكم بمستقبلها".(5)ص1
إن أهمية التعليم مسألة لم تعد اليوم محل جدل في أي منطقة من العالم، فالتجارب الدولية المعاصرة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك إن بداية التقدم الحقيقية؛ بل والوحيدة هي التعليم ، وأن كل الدول التي تقدمت – بما فيها النمور الآسيوية – تقدمت من بوابة التعليم، بل إن الدول المتقدمة نفسها تضع التعليم في أولوية برامجها وسياستها.
ومما لا شك فيه – أيضاً – أن جوهر الصراع العالمي هو سباق في تطوير التعليم، وأن حقيقة التنافس الذي يجرى في العالم هو تنافس تعليمي. إن ثورة المعلومات، والتكنولوجيا في العالم ، تفرض علينا أن نتحرك بسرعة وفاعلية ، لنلحق بركب هذه الثورة، لأن من يفقد في هذا السباق العلمي والمعلوماتي مكانته، لن يفقد فحسب صدارته، ولكنه يفقد قبل ذلك إرادته ، وهذا احتمال لا نطيقه ولا يصح أن نتعرض له(5)ص4
واليوم يعيش العالم ثورة في المعلومات لم يسبق لها مثيل، سهل اتساعها وانتشارها التقدم الهائل في وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فتغير مفهوم الزمان والمكان، وأخذت العولمة والانفتاح وحرية تدفق المعلومات، والمواد والأفراد،.. الخ تؤثر في مناحي الحياة المختلفة, مما فرض على دول العالم وشعوبه تحدي التعامل مع هكذا معطيات والاستجابة لمتطلباتها، والاستفادة القصوى منها لتستطيع العيش الآمن في القرن الحادي والعشرين. ومع أهمية ذلك لجميع دول العالم وشعوبه إلا أن الدول العربية هي أحوج ما تكون للتعامل مع هذه المتغيرات، حيث الهوة بينها وبين أغلب دول العالم واسعة، وإن كانت المؤسسات الحياتية المختلفة مطالبة بالتميز ومواكبة التطور، فإن المؤسسة التربوية والتعليمية هي الأولى بمثل هذه المطالبة، فهي المسئولة عن إعداد جيل قادر على استيعاب تطورات العصر والتعامل معها، وقيادة التغيير نحو التقدم والنماء، وتمكين أمتنا العربية من أخذ دورها في عالم القرن الحادي والعشرين. (6)ص146
إن أهم مقاييس تقدم الأمم والشعوب، هو مدى تقدم التعليم في كل وطن أو بلد ، والحقيقة الواضحة وضوح الشمس، التي لا تخفى على أحد أن التعليم في معظم الوطن العربي يعاني إما في إمكاناته أو سياساته أو مناهجه، وربما في كل هذه العناصر مجتمعة.
ورغم هذا فصورة تعليمنا العربي المعاصر ليست بالسوء الذي يؤدي إلى الظلام ، فهناك طرق وأساليب يمكن إتباعها تمثل بصيص أمل للنهوض بالتعليم في أغلب أقطارنا العربية، وأولى هذه الطرق تتمثل في التعرف على عناصر التعليم لوضع أيدينا عليها وتحديدها للعمل على الارتقاء والنهوض بها، وبالتالي النهوض بالمنظومة التعليمية بأكملها.