التوثيق التربوي
يحيل مصطلح"توثيق" على أنشطة مختلفة ويغطي مساحة هامة من المفاهيم المتقاربة. لهذا وفي سياق إحداث نواة المركز الوطني للتوثيق التربوي بقطاع التعليم المدرسي، يتعين أولاً تحديد المراد بالتوثيق: فليس المقصود به مجرد "التدوين" المرتبط في تاريخ الأمة العربية بعصر زاهر انصرف فيه اهتمام الكتاب والعلماء والمتأدِّبين كافةً إلى عملية جمع ما تناثر من تراث الأمة وتصنيفه وتسجيل المرويات الشفهية كتابةً، بغاية حفظ المتن اللغوي والأدبي والتاريخي وصيانته من الضياع.
ولا يقتصر التوثيق في تصورنا على المعالجة المكتبية، التي تقتضي توفير الكتب والمراجع والمخطوطات وجردها وتصنيفها وفهرستها وتكشيفها ووضعها رهن إشارة الباحثين، بل هو أوسع من ذلك كله اعتباراً لأهمية التوثيق والأرشيف في مجال التربية والتكوين ودوره في تثمين العمل التربوي وتجويد أدائه وصيانة ذاكرة الإدارة التربوية، وضمان فعالية التواصل داخل المنظومة بشكل عام: يتعلق الأمر بتصور دينامي شامل لمعالجة المعلومة والوثيقة التربوية على اختلاف أصنافها وغزارة مادتها، بدءاً من صياغة إنتاجها وانتهاءً بحفظها مروراً بعمليات متعددة منها انتقال الوثيقة وتوزيعها داخل القطاع.
من هذا المنطلق، يتولى المركز الوطني للتوثيق التربوي تدبير الوثائق الصادرة عن الوزارة عبر مختلف مراحل الإنتاج كتوحيد أنماط الوثائق والمعايير المطبعية، ثم التوزيع المادي والإلكتروني وأخيراً تكوين الرصيد الوثائقي بجمع ما تناثر منه انسجاماً مع قانون الأرشيف ثم الحفظ بمواصفات الجودة والسلامة.
وقد عملت نواة المركز المذكور على بلورة خطة لتوحيد نظام إنتاج الوثائق وحفظها ووضعها رهن إشارة المستعملين، وتبنت رؤية مستقبلية واضحة غايتها بث ثقافة النشر، وتشجيع توزيع الوثائق من مذكرات وبحوث وتشخيصات ميدانية ودراسات وطنية ودولية وغيرها، تيسيراً للولوج إلى المعلومة على اختلاف حواملها من ورقية وإلكترونية. ولتجسيد العمل المنوط بالمركز ميدانيا، تسعى هذه النواة إلى توفير الآليات والأدوات والإمكانات الضرورية لتفعيل هذا التوجه الاستراتيجي.
و تأتي هذه النشرة التي ستصدر شهريا في مرحلة أولى للتعريف بأنشطة المركز وعرض خدماته وكذا المستجد من الوثائق التي تتم معالجته