نظريات الاكتئاب
نظريات الاكتئاب
Depression Theories
الحقيقـــة هناك العديد من النظــريات التي تصدت لتسليط الضوء على هذا المفهـــوم كل وفـــق مبادئــه وتطلعاته ، فمثــلاً ترى مدرسة التحليل النفسي ( Psychoanalysis) ، والذي يعد سيجموند فرويد ( S. Freud) الأب الشرعي لها ، بأن الاكتئاب هو نتاج لعملية الصراع بين الدوافع والرغبات من جهه وبين الجوانب الوجدانيـــة من جهــة أخرى بما يحويــه هذا النتاج من مشاعر الذنب، ويعبر علماء التحليل النفسي عن مفهـــوم الاكتئاب بانه ناتج عن عدم تلبيـــة الفرد لرغباته الجنسية المبكرة وإشباع حاجة الحب وهنا تنتاب الفرد حالــة من الشعور بالغضب والكراهية والعداء نحو موضوع الحب وتتحول هذه المشاعر وبفعل شعوره بالذنب الى الداخل أي نحــو الذات ، لــذا فأن الاكتئاب من وجهـــة نظر هذه النظريــة ما هو الأحنق وغضب بسبب الإحباط وخيبة الأمل في إشباع الحاجة الى الحب.
وتشير هذه النظريـــة على أن الاكتئاب هو عبــارة عن غضب موجه داخليــاً نحو الذات نتيجــة لفقدان حقيقي او رمزي ( غضب لاشعوري) ، على الرغم من أن العديـــد من الدراسات أثبتت أن كمية العدوانية لدى حـــالات الاكتئاب ليست عاليـــة ذلك أن الارتباط يكون منــوط بالفشل أكثر من ارتباطه بالعدوانية.
ويرى أصحاب هذه النظريـــة بأن الاكتئاب هو عمليـــة نكوص للمرحلة الفمية والسادية وأن الشخص المكتئب يحمل شعوراً متناقضاً من ناحية موضوع الحب الأول( الأم)، ونتيجة للإحباط وعدم الإشباع في مراحل نموه الأولى يتولد لديـه أحساس بالحب والكراهية والحرمان والنبذ وبعمليات دفاعية لاشعورية من الأسقاط والأدماج والنكوص ولتناقض عواطفـــه أزاء موضوع الحب المفقود يمتص طاقتــه ويدمجها نحو ذاته أي نحو ( الأنا).
وقد وصفت النظريـــة السلوكيــــة الاكتئاب ، بأنه فقــدان عمليــة تدعيــم السلوك ، حيث يرى فيرستر (Ferster) أن السلوك المرضي هو نتيجــة مباشرة من خـــلال تفاعل الفرد مع البيئة ، ومحصلة تعليميــة لسيرة الفرد وهو يرى بأن وجود الاكتئاب يقلُ بالتدريج عن طريق التدعيم الإيجابي للسلوك.
ويؤكد لازاروس ( Lazarus)، على أن الاكتئاب هو عدم كفاية المدعمات للسلوك ، وهنا يتفق الأثنان بأن الاكتئاب انطفاء يتعضد ويتضح مع نقص التدعيم وينتج عنه ضعف الأدوار التي يؤديها الفرد .
وكذلك يرى أصحاب هذه النظريـــة ، بأن الاكتئاب هو خبرة نفسيــة سلبيــة مؤلمــة وما هو الا ترديــد لخبرات تعلمها او صادفها أو مر بها الفرد في صغره ولم يستطع أن يحلها أو يزيلها من عقله. (8 :134).
في حين يرى أصحاب النظريــــة المعرفية ( Cognative Theory)، وعلى رأسهم بيك ( Beck) ، والذي يقسم المفهـــوم الخاطئ للشخص المكتئب الى مفهوم ثلاثي المعرفــــة أو ما يسمى بالثالوث المعرفي والمتضمن معرفـة المريض أو منظوره لعالمه، ومعرفته لذاته وأخيراً معرفته لمستقبله ، وأن للمرضى المكتئبين مجموعـــة من الخصائص الإدراكيـــة والتي تتمثل في انخفاض احترام الذات ( (Self Low- regard ، وفقـــدان الذات ( Self-lose )، ولــوم الذات ( Self-blame )، ومطالب الذات ( Self-demands )، والرغبات الانتحارية
أن للاضطرابات الاكتئابيـــة تنشئ من وجهــة نظر بيك على أساس الاضطرابات المعرفية ، أذ تتصف البنى المعرفيــة بالتشويه بدرجات مختلفـــة وهذه التشويهات المعرفيــة ( الأخطاء المعرفية) هي شكل من التمثل الغيـر ملائم للمعلومات بوصفها استنتاجات عشوائية وتجريدات انتقائية وتعميمات مفرطة وتضخيم ( Magnification) وتفكير أخلاقي مطلق وشخصانيه ( Personalization ) الأمر الذي يؤدي الى أن يصبح محتوى المعرفيـات عند المكتئب مشحوناً بالنظرة المتطرفة والسلبية للذات والعالم والمستقبل، وهذا يعني ومن خلال ما سطره بيك ، من أن الأعراض الاكتئابيــــه ومن منطلق النماذج المعرفيــة السلبية ، أن الشخص المكتئب يكون مشلول الإرادة ومنخور الهمـه مفتقر للدوافع للعمل والمشاركة وبالتالي فهو عاجز عن التصدي لمشكلاته أو حلها مهما كانت هذه المشكلات وهــــو في ذات الوقت متشائم وبائس ، وعندما تزيد هذه المعرفة الثلاثيـــــة السالبة وتطغى فأن درجـــة الاكتئاب لدى الفرد تكون عالية وقد تؤدي به الى الانتحار.
وأشار كل من ميلجس و باولبـي ( Melges & Bowllby) ، الى أن لليأس ( Hoplessness) دور كبير في أحساس الفرد بالمشاعر الاكتئابية ، حيث ان الأمل واليأس يؤديان بالمريض الى تقييم قدرته على تحصيل أهدافه الأولية وهذا التقييم يعتمد على نجاحه الأول في تحصيل أو تحقيق أهدافه بشكل عام ويكون لدى المكتئب شعور باليأس حول مستقبله عندما يعتقد بأن إمكاناتــه ومهاراته غير قادرة على أن تبلغه الى الأهـــداف وأنه فاشل لأنه لا يمتلك القــدرة على بلوغ هذه الأهداف وهذا ما قد يجعله مدفوعاً للاعتماد على الأخرين وبالتالي فأن مجهوداتــه السابقة فشلت في تحقيق الأهـــداف ومع ذلك فأن مشاعر الاكتئاب تجعله غير قادر على تحقيق أهدافه وتبقى ذات أهمية ويصبح مشغولاً بها