التواصل للتوحد
اضطراب التواصل والتوحد
تعدّ اضطرابات التواصل لدى الطفل التوحّدي من الاضطرابات المركزية والأساسية التي تؤثر سلبا على مظاهر نموه الطبيعي والتفاعل الاجتماعي (نصر، 2002) وتشمل اضطرابات اللغة والتواصل لدى أطفال التوحّد كلا من التواصل اللفظي وغير اللفظي، فقد أشارت دراسات كثيرة إلى أن (50%) من أطفال التوحّد لا يملكون القدرة على الكلام، ولا يطورون مهاراتهم اللغوية، إلاّ أنهم لا يعوضونها باستخدام أساليب التواصل غير اللفظي كالإيماءات أو المحاكاة (أتوود،1999). كما أنهم يعجزون حتى عن استخدام التواصل البصري (وينج،1986).
وقد ناقش عدد من الباحثين المشكلات الأساسية في التواصل على أنها تمثل العجز الأساسي في التوحّد، في حين تمثل المشـكلات السلوكية العناصر الثانوية لهذه الحالة (Tager-flusberg, 1999). فقد قام لورد وهوبكنز (Lord & Hopkins, 1986) بتحليل وظائف التواصل للسلوك غير المقبول لدى أطفال التوحّد، وتوصلا إلى أن بعض أنماط السلوك التي يمارسونها كإيذاء الذات والبكاء والصراخ المستمر ماهي إلا سلوكيات ناتجة عن الصعوبات التي يواجهونها في التواصل مع الآخرين.فغالبا ما يبدو الطفل التوحدي أنه غير قادر على فهم قيمة التواصل، وهو لا يستطيع فهم التعبيرات التواصلية. فكثيرا ما يظهر أنه غير متعاون وغير قابل للاستجابة فينتج عنه سلوكيات سلبية (كوهين وبولتون، 2000 ). وفي هذا الصدد، يشير سيجل (Siegel, 2003) إلى أن اضطرابات التواصل التي يعاني منها الطفل التوحّدي قد ينتج عنها مجموعة من أنماط السلوك غير المقبولة كموجات الغضب المستمر.
وللتغلب على صعوبات التواصل التي يعاني منها أطفال التوحّد، فإن عملية التدخل المبكر قد تكون ضرورية جدا للعمل على تطوير قدرة هؤلاء الأطفال على التواصل بشكل تلقائي. فقد أثبتت دراسة هادوين وآخرون (Hadwien, et al., 1999) على أن البدء في تدريب أطفال التوحّد الصغار الذين تتراوح أعمارهم ما بين (4_9) سنوات له تأثير واضح على تعلّم هؤلاء الأطفال التواصل مع الآخرين وذلك بتدريبهم على كيفية التعبير عن مشاعرهم وانفعالاتهم بأكثر من طريقة. ويتم ذلك من خلال توفير البيئة المناسبة ليتعلم فيها الطفل مهارات التواصل البصري، والإشارة إلى ما هو مرغوب فيه ، والإيماءات الجسدية، أو نبرة الصوت بصورة طبيعية (Siegel, 2003).
لذا فإن محاولات التدخل بالبرامج العلاجية بتنفيذ أساليب تدريبية أو تعليمية لمهارات هؤلاء الأطفال تعدّ وسيلة إمداد لهم بحصيلة لغوية جديدة تساعدهم في تعلم أشكال بديلة للتواصل، كما تساعدهم على تعلم بعض أنماط السلوك والمهارات الاجتماعية التي تعمل على خفض الاضطرابات السلوكية واللغوية الموجودة لديهم (نصر، 2002).