التوحد والتربية ال
التربية الخاصة وأطفال التوحد
إن أطفال التوحد كغيرهم ، هم أفراد قبل كل شيء لديهم نقاط قوة فريدة ولديهم نقاط ضعف ، وما يشترك فيه الأفراد المتوحدون جميعا ً هو الإعاقة النمائية ، إعاقة في الاتصال والتي تختلف من فرد إلى آخر، فقد يكون ذكاء بعض الأطفال التوحديين متوسطا ً أو فوق المتوسط ولذلك يجب أن تبنى الأهداف الأكاديمية على أساس القدرات الفردية للفرد المتوحد ،فقد يحتاج طفل توحدي إلى المساعدة في فهم الموقف الاجتماعي وتطوير الاستجابة المناسبة ، بينما قد يحتاج الآخر إلى المساعدة في التخلص من السلوك التخريبي وسلوك إيذاء الذات ، وبالتالي كما يوجد أفراد توحد مختلفين عن بعضهم البعض فأنه توجد تبعا ً لذلك برامج تربوية علاجية خاصة ومختلفة ومن تلك البرامج التربوية ما يلي :) الراوي ، حماد 1999 ،58)
1 ـ مراكز الإقامة الدائمة:Residential Schools
تعتبر مراكز الإقامة الدائمة من أقدم برامج التربية الخاصة ، فقد ظهرت هذه المراكز منذ بداية الحرب العالمية الأولى وما بعدها ، وغالبا ً ما كانت هذه المراكز معزولة عن التجمعات السكانية ، وتقدم هذه المراكز خدمات إيوائية وصحية واجتماعية وتربوية ، ويسمح فيها للأهالي بزيارة أبنائهم في المناسبات المختلفة ، وقد وجهت العديد من الانتقادات لهذا النوع من البرامج ، فقد وجه كروكشانك Cruickshank ,1958 )) عددا ً من الانتقادات أهما عزل الأطفال المعوقين عن المجتمع والحياة الطبيعية الاجتماعية ووصم الأطفال ( Stigma ) الملتحقين بهذا المركز على أنهم منبوذين عن المجتمع ، إضافة إلى تدني مستوى الخدمات الصحية والتربوية في مثل هذا النوع من المراكز . ( الروسان 1996 ، 38 )
وهذه البرامج التربوية مفيدة خصوصا ً لاضطرابات التوحد الشديدة ، بحيث يتم إلحاقهم بأقسام خاصة في مراكز ومؤسسات التربية الخاصة بحيث يحصلون على الخدمات الطبية والنفسية والتأهيلية والتربوية لكل منهم حسب حاجته ) الراوي ، حماد 1999 ،85 )
2 ـ مراكز التربية الخاصة النهارية : Special Day Care Schools
ظهرت مراكز التربية الخاصة النهارية كرد فعل للانتقادات التي وجهت إلى مراكز الإقامة الكاملة ، وفي هذا النوع من المركز يتلقى الأطفال خدمات تربوية واجتماعية على مدى مدا ر نصف اليوم تقريبا ً وغالبا ً ما يكون عمل هذه المراكز صباحا ً وحتى بعد الظهر حيث يمضي الأطفال الفترة الصباحية في هذه المراكز ، أما بعد فترة بعد الظهر فيقضونها في منازلهم ومع ذويهم ، وتبدو مزايا هذا النوع من البرامج في أنها توفر فرصا ً تربوية لفئة معينة من الأطفال المعوقين ، وفي الوقت نفسه تحافظ على بقاء الطفل مع أسرته وفي نفس الجو الطبيعي للطفل بعد ذلك ، وتشتمل خدمات هذه المراكز على إيصال الطلبة من وإلى منازلهم هذا بالإضافة إلى الخدمات الصحية ، وبالرغم من الاستحسان الذي تواجه مثل هذه المراكز إلا أنها تعرضت لبعض الانتقادات والتي من أهمها توفر المكان المناسب لإقامة المراكز النهارية ، وقلة عدد الأخصائيين في ميادين التربية الخاصة المختلفة وصعوبة المواصلات ، ونتيجة لهذه الانتقادات فقد ظهرت محاولات لإصلاح البرامج التعليمية في هذه المراكز وذلك بوجود بما يسمى بالمدرس الزائر أو المتنقل ومهمة هذا الشخص الزائر أو المتنقل العمل على مساعدة معلمي التربية الخاصة في مراكز التربية الخاصة النهارية أو في المدرسة العادية في حل مشكلات الأطفال المعوقين الأكاديمية والاجتماعية . ( الروسان 1996 ، 38 )
وتفيد هذه البرامج مع حالت التوحد البسيطة والمتوسطة بحيث يذهب الطفل إلى المركز بشكل يومي ويتلقى الخدمات المعدة له مسبقا ً حسب وضعه ، ثم يعود الطفل إلى المنزل وهكذا ، ويعتبر هذا البرنامج من البرامج التربوية الجيدة وخصوصا ً مع حالات التوحد المتوسطة فهو يتيح الفرصة أمام الطفل لتلقي الخدمات النفسية والطبية المختلفة وفي نفس الوقت لا يعزله عن مجتمعه أو عن أسرته ، ويشترط لنجاح هذا البرنامج بل و أي برنامج آخر تعاون الأهل والاتصال المباشر المستمر بين أهل الطفل وإدارة المدرسة المتمثلة في مدرس التربية الخاصة الذي يتعامل مع طفلهم ، والأخصائي النفسي ، والأخصائي الاجتماعي ..... الخ ، وذلك لاحتواء الطفل من كافة الجوانب ومتابعة ما يتعلمه الطفل في المدرسة من خلال البيت .( الراوي ، حماد 1999 ،86 )
3 ـ برامج الصف الخاصة الملحقة بالمدرسة العادية : Speccial Classess Within Requler School
ظهرت الصفوف الخاصة الملحقة بالمدرسة العادية نتيجة الانتقادات التي وجهت إلى مراكز التربية الخاصة النهارية ونتيجة لتغير الاتجاهات العامة نحو المعوقين من السلبية إلى الايجابية ، ويخصص في هذا النوع من البرامج صفوف خاصة للأطفال المعوقين عقليا ً وسمعيا ً وبصريا ً أو حركيا ً ملحقة بالمدرسة العادية ، وغالبا ً ما يكون عدد الأطفال المعوقين في الصف لا يتجاوز العشرة طلبة ، ويتلقى هؤلاء الأفراد برامج تعليمية مشركة في الصفوف العادية وفي نفس المدرسة ومع زملائهم من الطلبة العاديين ، ويهدف هذا النوع من البرامج إلى زيادة فرص التفاعل الاجتماعي والتربوي للأطفال المعوقين ، والعاديين وفي نفس الظروف الاجتماعية المدرسية ، كما تبدو مميزات هذه البرامج قريبة في جوها العام الأكاديمي والاجتماعي من المدارس العادية ، ومع ذلك فقد وجهت لها بعض الانتقادات تتمثل في مدى صعوبة الانتقال من الصفوف الخاصة إلى الصفوف العادية ، وتحديد المواد المشتركة بين المعوقين وغير المعوقين ، والمواد غير المشتركة . ( الروسان 1996 ، 39 )
وبالنسبة للأطفال التوحديين يتم دمجهم مع ذوي الاضطرابات البسيطة في صف خاص في المدرسة العادية ويتم تقديم الخدمات المختلفة المناسبة كل حسب حاجته . ويحتاج هذا البرنامج ‘إلى الدعم المستمر من قبل إدارة التربية الخاصة والتعاون المستمر بينها وبين المدرسة التي تطبق البرنامج ، فقد يكون هذا الدعم على شكل دورات تأهيلية للمدرسين الذين يعملون مع الطفل المتوحد أو على شكل حلقات دراسية . ( الراوي ، الحماد 1999 ، 86 )
4 ـ برامج الدمج :
ظهر هذا الاتجاه في التربية الخاصة للمعوقين نتيجة الانتقادات التي وجهت لبرامج الصفوف الخاصة الملحقة بالمدرسة العادية ، وللاتجاهات الايجابية نحو مشاركة الطلبة المعوقيين للعاديين في الصف الدراسي ، ويعرف الدمج الأكاديمي بأنه يمثل ذلك النوع من البرامج التي تعمل على وضع الطفل غير العادي في الصف العادي مع الطلبة العاديين لبعض الوقت وفي بعض المواد شريطة أن يستفيد الطفل غير العادي من ذلك ، وبحيث تهيئ الظروف المناسبة لإنجاح فكرة دمج الأطفال العاديين .
وتبدو مبررات هذا الاتجاه الجديد في توفير الفرص التربوية والاجتماعية المناسبة للطفل غير العادي في الصفوف العادية ، أو كما يشير كوفمان Kuffman ،1977 إلى وضع الطفل المعوق في أقل البيئات التربوية تقييدا ً ويقصد بذلك وضعه في المدرسة العادية ويتضمن هذا الاتجاه الجديد في تعليم الأطفال المعوقين ثلاثة مراحل رئيسية هي :
1 ـ مرحلة التجانس بين الطلبة العاديين والمعوقين .
2 ـ مرحلة تخطيط البرامج التربوية وطرق تدريسها لكل من الطلبة العاديين والمعوقين .
3 ـ مرحلة تحديد المسؤوليات الملقاة على عاتق أطراف العملية التعليمية من إدارة مدرسية ومعلمين ومشرفين .
وقد وجهت بعض الانتقادات الى مفهوم الدمج وطريقة تطبيقه ومع ذلك فإنه يبقى مرحلة مهمة من مراحل تطور برامج التربية الخاصة . ( الروسان 1996 ، 39)
هذه البرامج من أقل البرامج شيوعا ً وتطبيقا ً مع حالات الأطفال التوحديين وذلك لطبيعة وخصائص الطفل التوحدي حتى في حالة التوحد البسيط .
كما أن وضع الطفل المتوحد في الصف العادي من الأمور التي تتحدى قدرات العديد من العاملين في هذا المجال على مستوى أعضاء التدريس وعلى مستوى الإدارة ، فالكثير من المدرسين العاديين وحتى مدرسي التربية الخاصة غير مهيئين للعمل مع الأطفال المتوحدين وضمن الصف العادي ، وهمن يحتاجون إلى تأهيل وتدريب مكثف في التعامل مع حالات التوحد .( الراوي ، حماد 1999 ، 87 )