التشخيص السلوكي للتوحد -2
التشخيص السلوكي للتوحد
وفي سبيل الوصول إلى تشخيص سلوكي دقيق للسلوكيات التوحدية يحدد كل من
" روبرت كوجل ولن كوجل" (2003: 29-31) خمسة محاور يتعين أن يشملها هذا
التشخيص. وهذه المحاور الخمسة يمكن الإشارة إليها على النحو التالي :الأول: وصف السلوكيات التوحدية: لقد ناقش الباحثون و الممارسون أهمية تعريف السلوكيات التوحدية بأسلوب
يتصف بالموضوعية والإجرائية، والقدرة على الملاحظة مما يؤدى إلى فهمها من قبل
الآخرين. وعلى سبيل المثال،فإن وصف الطفل على أنه عدواني، يقدم قليلا من الفائدة؛
وفي المقابل، فإن وصفا مثل " إن الطفل يقرص الكبار في باطن سواعدهم بين الرسغ
والكوع، يقدم صورة واضحة للعدوانية التي يظهرها الطفل.الثاني: درجة كل سلوك ومقداره ذلك أن القوة أو الدرجة التي يظهر فيها السلوك، من الممكن أن توصف
بذكر المقدار . ويتم ذلك بتحديد تكرار السلوك أو مقداره. وعلى سبيل المثال، هل
يظهر سلوك لسع الأطفال الآخرين وقرصهم بمعدل عشر مرات في اليوم، أم مرة واحدة كل
أسبوع؟ أما بالنسبة لسلوكيات أخرى مثل استثارة الذات أو نوبات الغضب ، فقد يتم
قياسها بتحديد المدة، كأن نحدد فترة نوبة الغضب و/ أو عدم ظهورها . وذلك بأن نذكر
عدد الثواني التي انقضت بين ظهور السلوك من جانب الطفل أو تركه لهذا السلوك.الثالث: البيئات التي يظهر فيها السلوك المستهدف:
من غير المنطقي النظر إلى السلوكيات بشكل منفصل،
بل يجب النظر إليها على أنها جزء من البيئة التي تظهر فيها. وللنظر إلى السلوك ،
وللمساعدة في فهمه و توقعه ، فلابد من تحليل البيئة التي يظهر فيها. من هنا يتحتم
تقييم البيئة التي يظهر فيها السلوك وهو ما يطلق عليه سوابق السلوك Antecedents، وكذلك الفعل
الذي عادة ما يلي السلوك في البيئة، وهو ما يطلق عليه توابع السلوك Consequences. وهذا التحليل
يعود إلى النموذج المعرفي A.B.C وهذه الحروف ما هي إلا اختصارات للكلمات الانجليزية Antecedents- Behavior- Consequences
ومما يجدر ذكره ، أن كل التشخيصات السلوكية
الشاملة، يجب أن تحتوى على مكونات تركز على نماذج معقدة من السلوك، مما يؤدى إلى
الوصول إلى اتجاه فعال في التدخل العلاجي. فعلى سبيل المثال: لنأخذ مثلا الطفل
الذي يلجأ إلى سلوك اللسع أو القرص ، حيث يسبق السلوك الوصف التالي " يظهر
السلوك عادة خلال ثلاث ثوان، ويتبعه عادة مهمة تعليمية" أما النتائج فقد وصفت
كالتالي " يؤخذ الطفل إلى مكتب المسؤول، ويتم استدعاء الوالدين لأخذ الطفل إلى
البيت" . من هنا، فإننا سوف نحصل على فكرة محددة بالنسبة للظروف المحيطة
بالسلوك غير المقبول أو العدواني أو الفوضوي.الرابع: الوظيفة المقصودة:إن كثيرا من السلوكيات التي يمارسها الطفل إنما تستخدم كشكل من أشكال
التواصل. ومن هنا فإن السلوك الفوضوي من الممكن أن يكون وسيلة فعالة للتواصل . ان
إتباع تقييم سوابق السلوك، و السلوك، وتوابعه A.B.C
يعتبر محاولة لتحديد الوظيفة المدركة للسلوك، وهو أمر ضروري لتطوير سلوك مكافئ
وظيفيا.ومن الممكن ملاحظة كثير من السلوكيات للمحافظة
عليها في وظائف محددة، ولعل أكثر الوظائف أو الأسباب شيوعا و المرتبطة بظهور سلوك
معين تتضمن الحاجة إلى ما يلي:(1) الحصول على الانتباه أو على شيء مرغوب.
(2) الهروب من متطلب محدد وتجنبه و الهروب من طلب أو نشاط أو من شخص.
(3) تتجنب نشاط محدد مثل تجنب مهمة صعبة ، أو الانتقال، أو الاعتراض على نشاط معين.
الخامس: الاستثارة الذاتية StimulationٍSelf-
إن سلوك الاستثارة الذاتية، أو ما يدعى السلوك النمطي، يعود إلى
السلوكيات المتكررة مثل ضرب اليد، وتحريك
الأشياء أمام العينين، وهزهزة الجسم، و التي قد تمتد لفترة طويلة من الوقت، كما
يبدو أنها تزود الأطفال التوحديين بتغذية راجعة حسية حركية. ومن الممكن التعبير عن
سلوكيات الاستثارة الذاتية بطرق مختلفة، فقد تكون هذه السلوكيات أحيانا دقيقة من
قبيل حركات العينين عند تعرضهما للضوء، أو عند القيام بتعبيرات الوجه غير المناسبة
أو عند الحزن. وتكون عند البعض الآخر أكثر وضوحا؛ مثل هزهزة الجسم، أو إخراج أصوات
عالية متكررة. وكذلك فإن معظم سلوكيات الاستثارة الذاتية تظهر وكأنها تحمل القليل
من المعاني الاجتماعية الواضحة للآخرين، ومن الممكن ألا تمثل هذه المعاني أبدا .
كما أنها قد تؤثر في العلاقات الاجتماعية وفي التعلم وفي النمو العصبي، مما يكسب
هذه السلوكيات علاقات عكسية مع كثير من السلوكيات المناسبة . وعندما يتم كبح هذه
السلوكيات ؛فإن ذلك يؤدى إلى زيادة تلقائية في الاستجابات الأكاديمية، ويكون اللعب
واضحا وذلك في الوقت الذي تكون فيها أنماط من اللعب و التعلم قد ازدادت وتطورت.كما ينبغي أن يوضع في الاعتبار نموذج A.B.C
أعني سوابق السلوك – السلوك - توابع السلوك. فعندما تقدم للطفل مهمة أكاديمية، فإن
الطفل يمارس عدوانيته، وكنتيجة لذلك فقد ينجح في إبعاد المهمة عن نفسه. ومن الممكن
هنا افتراض أن الوظيفة من هذا السلوك تكمن في تجنب المهمة الأكاديمية؛ فالطفل
يحاول تجنب هذه المهمة، مما يؤدي إلى ظهور السلوك الفوضوي. وعندما تتم مكافأة هذا
السلوك فإنه تتم المحافظة عليه من خلال التوابع، ومن هنا، فإن فهم وظيفة سلوك محدد
يساعد في تطوير سلوكيات تواصلية مناسبة تقابل الحاجة نفسها من السلوك الفوضوي.