العنف المدرسي -2
أهمية القاء الضوء على العنف المدرسي
لقد ظهر الاهتمام المبكر بالعنف المدرسي لدى الشباب المتورطين فيه باعتباره قضية قانونية
في المقام الأول ، الأمر الذي جعل الباحثين يركزون اهتمامهم على العوامل التي تساهم
في تنمية السلوك المضاد للمجتمع لدى الأطفال ، واهتم رجال الصحة العامة في أبحاثهم
بالضرر الواقع على الشباب ، كما اهتم أيضاً رجال الصحة النفسية بالبرامج السلوكية
التي تتعلق بالوقاية أو التدخل العلاجي من أجل الحد من انتشار مثل هذه الظاهرة.
وتتعدد مبررات الاهتمام المتزايد بهذا الموضوع ؛ لأن المدرسة مكان خاص لتهذيب الشباب ،
وعمليات العنف تهدد الأمن في المدارس مما يجعلها غير آمنة أو فعالة. وعند دراسة
الباحثين لهذه الظاهرة علينا أن نتساءل ماذا يقصدون ؟ أيقصدون السلوك الجانح ، أم
الجريمة في ساحة المدارس ، أم خبرات المنتصر ، أم حيازة أسلحة بالمدرسة ، أم
استخدام مواد مخدرة ؟ فنحن لسنا في حاجة إلي الخطابة في موضوع العنف المدرسي ، نحن
في حاجة إلي دراسة الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة ، حتى يمكن تحقيق أمن المدارس
الفعالة في الدول العربية.
ولقد ذكر موريسون وآخرون Morrison, Furlong & Morrison (1994)
أن المدارس الفعالة هي مدارس آمنة وأقل عرضة لهجوم العنف ، وقد أكدوا على سبيل
المثال أن التلاميذ الذين يعيشون الحياة المدرسية بصورتها الصحية يكونون ملتزمين
تجاه المدرسة، ولديهم فرص عديدة للمشاركة والنجاح في المهام الأكاديمية ويكونون
أقل حباً لاستخدام العنف تجاه بعضهم البعض وتجاه المدرسين ، وتجاه المدرسة نفسها ،
Furlong
& Morrison (2000) ،
ومن هنا فإن الاهتمام بهذه الظاهرة هو وجود مدرسة فعالة خالية من العنف.
وهناك العديد من الأسباب التي تجعلنا نعطي اهتماماً كبيراً بهذه المشكلة في الوسط المدرسي.
ويشير Olweus
& Limber (1999) إلي التأثيرات قصيرة
المدى وبعيدة المدى على الضحية سواء في الجانب التعليمي أو الجانب النفسي أو الاجتماعي
، وكذلك على الأفراد الذين يقومون بأعمال البلطجة ، وبالإضافة إلي ذلك فإن
اهتمامنا بالمشكلة من دور المدرسة في تحقيق الترابط الاجتماعي بين أعضائها وكذلك
دورها كمؤسسة تعليمية ، ويمكن طرح هذه التأثيرات في النقاط التالية :
(1) التأثيرات قصيرة المدى على الصحة : تجعل خبرات
البلطجة الضحايا يشعرون بعدم السعادة ، والضيق والارتياب وفقدان تقدير الذات
والقلق وعدم الأمان. علاوة على ذلك فإن مثل هؤلاء التلاميذ يعانون من الإصابة
الجسمية وقد يتأثر تركيزهم وتعلمهم وقد يرفضون الذهاب إلي المدرسة، وقد يميلون إلي
الشعور بالحياء والخجل وعدم الجاذبية ويبدأون في النظر إلي أنفسهم على أنهم
فاشلون. وفي بعض الأحيان يرى مثل هؤلاء التلاميذ أن الانتحار هو السبيل الوحيد.
(2) التأثيرات طويلة المدى على الضحايا : الأطفال الذين يتعرضون للبلطجة أثناء
سنوات الدراسة المبكرة يميلون إلي الانفعال وامتلاك تقدير ذات ضعيف عندما يصلون
لسن الشباب. (3) التأثيرات طويلة المدى على الأفراد الذين يقومون بأعمال البلطجة :
تؤكد الأبحاث أن التلاميذ الذين يقومون بأعمال البلطجة يميلون إلي القيام بسلوكيات
أخرى جانحة وسلوكيات مضادة للمجتمع مثل السطو على المحال التجارية ، الإهمال في المدرسة،
واستخدام المخدرات، والتخريب المتعمد للممتلكات. (4) المناخ الاجتماعي للمدرسة :
في المدارس التي تتميز بمستويات عالية من مشكلات البلطجة يميل التلاميذ إلي الشعور
بأمان أقل كما أنهم لا يشعرون بالرضا عن الحياة المدرسية التي يعيشونها. ويدل هذا
بالنسبة للعديد من التلاميذ وخاصة بالنسبة للضحايا أن حجرة الدراسة لم تعد مكانا
للعمل والتعلم.