العوامل المرتبطة بصُعوبات التعلم
العوامل المرتبطة بصُعوبات التعلم
لقد أظهرت نتائج الدراسات والبحوث علاقة بين بعض العوامل والمتغيرات المرتبطة بصُعوبات التعلم، ومن هذه العوامل ما هو رئيس يُسهم في انخفاض
التحصيل بين طلاب المدارس، ولقد ذكرت كثير من الدراسات نمطين أساسيين من العوامل، هما: العوامل
الداخلية، وترجع إلى ظروف الفرد، ومنها: التخلف العقلي والإعاقات الحسية والاضطرابات الانفعالية الشديدة، وقد أشير
إلى العوامل الداخلية في تعريف الحكومة الاتحادية الأمريكية من خلال "الاضطرابات النفسية" والعوامل خارجية التي ترجع إلى
العوامل البيئية، وتتضمن العوامل الثقافية والظروف الاجتماعية والاقتصادية ونقص فرص التعليم والتعلم غير الملائم، وهو ما أطلقت
عليه اللجنة الأمريكية عبارة " الحرمان البيئي والثقافي والاقتصادي والتعليم غير الملائم" وعرفته اللجنة الوطنية المشتركة
لصعوبات التعلم (NJCLD) وأنها ترجع إلى العوامل التربوية والاجتماعية والنفسية،
ومنها: العلاقة بين المعلم والتلاميذ والمنهج الدراسي وما يرتبط به من أبعاد مثل
المعلم وطرق التدريس التي يتصل بعضها ببعضها الآخر بالخصائص الشخصية لحالات صعوبات
التعلم كالإحساس بالعجز وضعف الثقة بالنفس والظروف الأسرية ومدى تأثيرها على
الحالة النفسية من توتر ومشاعر سالبة. (محمد، 2001؛ ورياض وفخرو، 1992؛ والشرقاوي،
1983؛ والسرطاوي وسيسالم، 1987؛ وعبد النبي، 1988)
ومن العوامل الداخلية التي ترتبط بالتلميذ من ذوي صُعوبات
التعلم الإحساس بالعجز الذي يصيبه بمشاعر الشعور بالفشل وعدم القدرة عندما يقارن
نفسه بزملائه الآخرين في الصف، فيشعر أنه غير
قادر على مجاراتهم سواء في العمل الصفي أو في المناقشات التي تدور حول
موضوع معين أو في التحصيل الدراسي، مما يُعطيه إحساساً بعدم القدرة على العمل
الاستقلالي والاعتماد في شؤونه التعليمية على الآخرين. وكما يُنمي لديه الشعور
بالخجل والخوف من الفشل، والشعور بالنقص وعدم الكفاءة بالنسبة لزملائه.
كما تُظهر نتائج الدراسات السابقة أن الظروف
الأسرية من العوامل الخارجية التي تؤدي دوراً مهماً في مساعدة التلاميذ ذوي
صُعوبات التعلم على التعلم، أو تعمل على إعاقة تعلمهم، ومن ذلك: الخلافات الأسرية،
وعدم إدراك وفهم الأسرة للمشكلات التي يواجهها هؤلاء التلاميذ في المدرسة، أو عدم
إعطاء الأسرة الأهمية لهذه المشكلات أو عدم التعاون المشترك بين المدرسة والأسرة
في متابعة شؤونهم التعليمية، بالإضافة إلى المعاملة السيئة داخل الأسرة التي تُنمي
شعوراً بعدم المرغوبية الاجتماعية وشعوراً بالرفض الوالدي، مما يجعلهم يشعرون
بالتهديد المستمر ويؤثر على مستواهم التعليمي مثل دراسة: (Demmert, 2005; Dyson, 2003; Samuelsson
& Lundberg; 2003, Molfese.; Modglin; Molfese; 2003)
ومن
العوامل الخارجية التي ترتبط بالتلميذ دور المحيط العاطفي
والاجتماعي في شعور الأطفال بعدم الأمان والانسجام والشعور بعدم الحب والدفء، سواء
في البيت أم في المدرسة، الأمر الذي يؤثر
بصورة كبيرة على الأساس النفسي، بل وحتى الفسيولوجي للتعلم إذا ما تعرض
لفترة طويلة من الحرمان العاطفي والاجتماعي وشعور بفقد للعلاقات البينشخصية في
البيت والمدرسة، حيث أظهرت دراسات أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية أن بعض حالات صُعوبات التعلم كانت لأطفال قد تعرضوا في
حياتهم لمشكلات أسرية، أو كانوا نتاجَ بيئاتٍ غير مستقرة، وكانوا يتعرضون
لسوءِ المعاملة بدنياً وعاطفياً، ضمن منظومة عائلية غير صحية يتبنون
سلوكيات غير ملائمة، ويعزز أفراد أسرهم سلوكهم غير السوًي. أضف إلى ذلك شعور هؤلاء
التلاميذ في الاعتمادية المبالغ فيها،
مثل دراسات:(Gathercole,
2006; Mc-Phillips, 2004; Sharma, 2004; Dyson, 2003)
ولقد أظهرت نتائج بعض الدراسات
أنه يمكن أن تكون العوامل الخارجية التي تتمثل بعيوب في العملية التعليمية أحد
الأسباب المساعدة لتدهور حالة هؤلاء التلاميذ من ذوي صُعوبات التعلم، ومنها أنها
لا تُعيرهم اهتماماً، أو لا تكون على علم ودراية بمشكلاتهم والمُمارسات التربوية والتعليمية الخاطئة، خاصة في التعامل مع
هؤلاء التلاميذ الذين يظهرون اضطراباً في الوظائف النفسية، مثل الإدراك
الحسي والتذكر وصياغة المفاهيم وضعف القدرة على التنظيم والتعميم، وعدم القدرة على
التعبير عن المفاهيم، وتدني المهارات الحركية واللفظية، وضعف الذاكرة القصيرة التي
تكون ذات أثر كبير على أدائهم التعليمي مثل دراسات كل من:(Gadour,
2006; Wanzek; Vaughn; Kim; Cavanaugh, 2006; Ware, 2005).
ويؤكد كل من (Wanzek, 2006; Ware, 2005; Grossman, 2005) أن العوامل التربوية والممارسات
التربوية غير المهنية وغير المسؤولة لبعض المدرسين الذين يصفون التلاميذ من ذوي صُعوبات
التعلم بأنهم كسولين، وأنهم لا يستطيعون استخدام استراتيجيات ذات كفاءة في الدراسة،
وأن تكيفهم في المواقف التعليمية يتسم بالنقص والضعف وضيق المنهج التعليمي، وضعف
في التدريب على المهارات الاجتماعية والبدنية والحركية والتواصل الشفوي والسلوك
التكيفي من العوامل الخارجية المرتبطة بصعوبات التعلم، فنجد أن المُعلم يبالغ في
استخدام المهارات التي تهتم بالحفظ والتسميع أكثر مما يهتم بالخبرات التربوية
القائمة على التدريب على استخدام المهارات التي تعتمد على الجسم والمهارات الحس-حركية
وتقديم الحوافز وتنمية مفهوم الذات، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم مشكلات التلاميذ
التعليمية وظهور هذه المشكلات الحادة بشكل مؤثر مما لا يعود عليهم بالنفع في
حياتهم المستقبلية.
كما بينت بعض نتائج البحوث
والدراسات السابقة أن من العوامل الخارجية المرتبطة بصعوبات التعلم دور العلاقة
بين المُعلم والتلاميذ من ذوي صُعوبات التعلم التي تتسم بجانبين أولهما: الجانب
الايجابي الذي يتمثل في أسلوب المعاملة السوي التفاعلي بينهما من خلال التشجيع على
الممارسات الايجابية داخل الصف وخارجه وإعطاء التلميذ الفرصة والوقت الكافيين لكي
يقدم ما لديه من نشاط وأعمال تبعاً لمستوى الفروق الفردية، وبالمقارنة مع الجانب
السلبي الذي يتمثل بالعلاقة المتوترة السالبة بين المدرس والتلميذ من ذوي صُعوبات
التعلم، فيعمل على إهماله وعدم مشاركته في الأنشطة والمهام الصفية، مما يؤثر سلباً
على الحالة النفسية للتلميذ مثل الشعور بالنبذ والإهمال وعدم الكفاءة مع غيره من
الزملاء. (Garcia & de- Caso, 2004; Mc-Phillips & Sheely, 2004)
ويُشير كل من (Gadour, 2006; Wanzek, et,
at, 2006) أن العوامل المتعلقة بالمنهج الدراسي وما يتعلق بها
من أبعاد تتمثل في المقررات الدراسية ومدى سهولتها وصُعوبتها وعدد الموضوعات ومدى
تحقيق المنهج الدراسي لميول التلاميذ واتجاهاته ومدى ملاءمته لبيئة التلاميذ،
وعلاقته بمستوى التلميذ من ذوي صعوبات التعلم من العوامل الخارجية المرتبطة
بصعوبات التعلم، لذلك يشعر التلاميذ من ذوي صعوبات التعلم بالملل عندما تكون المقررات الدراسية قائمة على المنهج النظري دون
استخدام استراتيجيات تَعلُم تساعد على
التدريس القائم على استخدام الحواس المختلفة، وهي من العوامل البيئية التي يصعب فصلها أو عزل تأثيرها عنهم، ويؤيد ذلك ما أشار إليه
كريك (1978) في أن بعض الأسباب البيئية المتمثلة في نقص الخبرة التربوية
والتعليمية وسوء التغذية أو سوء الحالة الصحية أو إجبار التلاميذ على الكتابة
باليد غير المفضلة من العوامل التي تزيد من صعوبة التعلم.
ولقد أكدت 2003) Lerner, ( أنه لفهم
التلاميذ والكشف عن صُعوبات التعلم لديهم،لا
بدَ من فهم تام للنظريات المتعلقة بصُعوبات التعلم وخاصة بالنسبة للاختصاصيين العاملين في هذا المجال، حيث تساعد النظريات على الفهم الدقيق للمشكلات التعليمية
وتساعد على إعطاء صورة تامة ودقيقة عن الطريقة والمنهج الذي يمكن استخدامه مع
الطفل، وبناء خطط للتعليم العلاجي (Lerner,
2003, 11). ولقد
وضع (Vygotsky,
1978) تصوراً مؤداه أن التعلم هو علاقة متبادلة
بين شخصين على الأقل أحدهما ذو خبرة، يقوم بنقل هذه الخبرة إلى الشخص الآخر ويتعلم
منه هذا الشخص استراتيجيات ومعرفة وهو ما سمي باستراتيجيات التعليم العلاجي المبني
على السياق الاجتماعي (نبيل حافظ، 2000: 29).
ويؤيد هذا التصور ما ذهب إليه (Feuerstein,1984) في أن المعلم يؤدي دوره بصفته وسيطاً وهذا الدور ينقسم إلى دورٍ
تقويمي يتم بمعرفة ما أسماه أداة قياس الاستعداد للتعلم حيث يحدد ما يتعين تعليمه
من حقائق ومفاهيم وأفكار وقوانين، والدور التعليمي يتضمن عملية الإثراء التدريسي
التي تقوم على أساس ربط المعلومات الجديدة التي تعلمها التلاميذ بالخبرات السابقة
من خلال عملية التعلم الذاتي الذي يكتسبونه بصورة ذاتية ويكون دور المعلم هنا
وسيطي، أي يشرف ويوجه دون أن بقوم بدور الملقن، وهي الصورة التقليدية للمعلم، وأن
هذا يعتمد بصورة أو بأخرى على عوامل قابلة للملاحظة وهي عوامل يسهل التحقق من
فاعليتها، أو عدم فاعليتها وهذا ما أكدته دراسات شعبان (1994) وحسن (1992) وثابت
(1992) وعثمان (1990) ومنسي (1989) وغيرها من الدراسات.