تعريف القلق
اضطراب القلق Anxiety Disorders
إعداد د: منى توكل السيد
اضطراب القلق هو أحد الاضطرابات النفسية الشائعة. لقد شعرنا جميعاً بأعراض القلق, لأن القلق والخوف أمران طبيعيان في مواقف عديدة حتى يتسنى لنا التعامل معها، وربما نُعاني من رُهاب مُعين، أو لدينا وسواس عن بعض الأشياء لكن لكي يكون القلق حالة مرضية يجب أن يكون شديداً إلى درجة تُسبب ضيق شديد أو تأثير سلبي قوي في الحياة اليومية. وبما أن القلق المرضي هو الشرط لتشخيص اضطرابات القلق, إذن من المُهم التفريق بين القلق المرضي و القلق الطبيعي. وقد يحدث القلق أما بشكل حاد متمثلا بنوبات فجائية في الأعراض الحادة التي تسيطر على المريض لعدة دقائق في المرة الواحدة بحيث تكون أكثر إيلاما من أي حالة جسمانية حادة، أو بشكل مزمن فتكون أعراضه أقل حدة (العبيدي، 2009: 242)؛ والقلق من الاستجابات الوجدانية غير السارة المصحوبة بحالة من التوتر والاضطرابات، ألا أنه في الظروف العادية يعد مصدراً من مصادر الدافعية (المهدي:2001: 4)
وجاءت كلمة القلق من الكلمة اللاتينية (Anxietes) التي تعني اضطرابًا في العقل وهو حالة نفسية عرفت في الماضي بحالات الخوف والهم التي تؤذي الإنسان على المستوى النفسي والجسمي(الشاوي، 1999: 20). فقد كان التغيير الهائل الذي جاءت به الحضارة الحديثة وتعقيدات الحياة قد زادت من حالات القلق لدى الأفراد(الشربيني، 2010: 15).
تعريف القلق:
القلق هو حالة انفعالية غير سارة يستثيرها وجود الخطر أو توقع وشيك لحدوث الضرر وترتبط بمشاعر ذاتية من التوتر وعدم الارتياح (محمود؛ وآخرون، 2003: 92)، كما عرف بأنه حالة من التوجس والقلق والهلع والخوف من حدوث تغيرات غير مرغوب فيها لحياة الشخص تجعله في حالة من الشد النفسي والتوتر والاضطراب.(حسين، 2007: 13)؛ وقد يعرف بأنه "اضطراب نفسي يتضمن شعور غامض غير سار بالتوجس والخوف والتحفز والتوتر وتوقع الشر (ربيع، 2010: 479). أما (عبد الخالق، 1987) فيعرف القلق بأنه "انفعال غير سار وشعور مكدر بتهديد أو وهم مقيم وعدم الراحة وعدم الاستقرار، وهو كذلك أساس التوتر والشد وخوف دائم لا مبرر له من الناحية الموضوعية، وغالبا ما يتعلق هذا الخوف بالمستقبل والمجهول كما يتضمن القلق استجابة مفرطة لمواقف لا تعني خطرا حقيقياً والذي قد لا يخرج في الواقع عن إطار الحياة اليومية، ولكن الفرد القلق يستجيب لها كما لو كانت ضرورات ملحة، أو مواقف يصعب مواجهتها.
ويستطرد كفافي (1990) في نفس الخط السابق ويعرف القلق بأنه خبرة انفعالية مكدرة أو غير سارة، يشعر بها الفرد عندما يتعرض لمثير مهدد أو مخيف أو عندما يقف في موقف صراعي أو إحباطي حاد، وكثيرا ما يصاحب هذه الحالة الانفعالية الشعورية بعض المظاهر الفسيولوجية، خاصة عندما تكون نوبة القلق حادة، مثل زيادة إفراز العرق والارتعاش في الأيدي والأرجل".
أما عبد المعطي (1994) فيعرف القلق بأنه "إحساس شعوري غامض وتوقع السوء وتكون الحالة مزمنة ومستمرة مع توتر دائم وعدم ارتياح وانشغال بكوارث المستقبل وأخطاء الماضي، والقلق ربما يكون خبرة عامة تماما أو ربما يثارعلى وجه الخصوص بواسطة التفاعل الاجتماعي أو الاهتمام بالذات الجسمية".
وباستعراض الآراء السابقة لتعريف القلق وجد أنها تتفق على اعتبار القلق:
-
خبرة انفعالية غير سارة.
-
تنتاب الكائن الحي عموما والإنسان بصفة خاصة.
-
ينتج عن توقع الفرد لتهديد غير محدد المصدر.
-
له عدة مظاهر نفسية انفعالية وفسيولوجية.
أسباب اضطراب القلق:
تتعدد أسباب القلق، ومن أهمها:
1 – الوراثة؛ كثيرا ما نلاحظ أن والدي المريض – وأحيانا أقاربه الآخرين - يعانون من نفس القلق، وهذا يدل على اضطراب البيئة التي نشأ فيها المريض بقدر ما يدل على أهمية الوراثة، وقد تختلط العوامل الوراثية بالعوامل البيئية.
2 – الاستعداد النفسي؛ كالشعور بالتهديد الداخلي أو الخارجي الذي تفرضه بعض الظروف البيئية بالنسبة لمكانة الفرد وأهدافه، والتوتر النفسي الشديد، والأزمات أو المتاعب أو الخسائر المفاجئة والصدمات النفسية، والشعور بالذنب والخوف من العقاب والنقص، والصراع بين الدوافع والاتجاهات والإحباط والفشل اقتصاديا أو زواجيا أو مهنيا... إلخ، والحلول الخاطئة وكثرة المحرمات الثقافية.
3 – مواقف الحياة الضاغطة؛ كالضغوط الحضارية والثقافية والبيئية الحديثة، ومطالب ومطامح المدنية المتغيرة (نحن نعيش في عصر القلق)، والبيئة القلقة المشبعة بعوامل الخوف والهم ومواقف الضغط والوحدة والحرمان وعدم الأمن، واضطراب الجو الأسري وتفكك الأسرة، والوالدان العصبيان القلقان أو المنفصلان، وعدوى القلق وخاصة من الوالدين.
4 – مشكلات الطفولة والمراهقة والشيخوخة؛ ومشكلات الحاضر التي تنشط ذكريات الصراعات في الماضي، والطرق الخاطئة في تنشئة الأطفال مثل القسوة والتسلط والحماية الزائدة والحرمان... إلخ واضطراب العلاقات الشخصية مع الآخرين.
5 – التعرض للحوادث والخبرات الحادة؛ (اقتصاديا أو عاطفيا أو تربويا)، والخبرات الجنسية الصادمة خاصة في الطفولة والمراهقة، والإرهاق الجسمي والتعب والمرض.
6 – الطرق الخاطئة لتجنب الحمل؛ والحيطة الطويلة خاصة الجماع الناقص، وعدم التطابق بين الذات الواقعية والذات المثالية وعدم تحقيق الذات وظروف الحرب (زهران، 1977).
7 – أسباب مرسبة؛ مثل توقع خيبة الأمل أو صعوبات العمل، أو فقدان عزيز، أو اضطراب في العلاقة بالجنس الآخر، أو أي صدمة نفسية أخرى، ويمكن أن يكون السبب عضويا مثل الحمى أو الإصابة أو غيرها (شاهين؛ الرخاوي، 1977)
8 – أسباب فسيولوجية؛ يتبين أن أسباب القلق الفسيولوجية هي نشاط الجهازين السيمبتاوي والباراسيمبتاوي، خاصة الأول، ومركزه الأعلى في الدماغ في الهيبوثلاموس، وهو في وسط دائرة الألياف العصبية الخاصة بالانفعال، وتؤدي هذه الأجهزة نشاطها من خلال هرمونات عصبية، ولذا من الممكن وقف هذه الأعراض بإعطاء عقاقير مانعة ومضادة لهذه الهرمونات، مما يقلل من خوف الفرد المصاب، وبالتالي إلى وقف الدائرة المفرغة خوف – قلق – مزيد من الخوف والأعراض – قلق... إلخ عكاشة (1980)
لعل من أهم العوامل المسببة للقلق هو التكوين النفسي عند الفرد والخصائص الشخصية التي يتميز بها عن غيره، (تونسي، 2002: 38).