العلاج المباشر
الفصل الثالث
عرض لبعض المداخل التي تناولت علاج التهتهة
مع تقدم البحوث والدراسات ظهرت اتجاهات حديثة في علاج التهتهة ؛ حيث يمثل كل اتجاه مدخل معين يستخدم قائماً بذاته أو قد يدمج معه مدخل آخر لزيادة فعالية العلاج ، وكل مدخل له مؤسسوه وأتباعه ، وله أساليبه وفنياته وكذلك البرامج المبنية عليه ، وكل ذلك يندرج تحت نوعين أساسيين من العلاج هما العلاج غير المباشر ويتضمن مدخل دمج الوالدين والمعلمين ، والعلاج المباشر ويتضمن مدخلين أساسيين هما مدخل تشكيل الطلاقة بفنياته وأساليبه العلاجية ، ومدخل تعديل لحظة التهتهة بفنياته وأساليبه العلاجية (Max & Yudman, 2003)
وفيما يلي عرضاً لكل من نوعي العلاج غير المباشر والمباشر والمداخل المندرجة تحتهما والفنيات والأساليب العلاجية الخاصة بكل مدخل على حدة :
(أ) العلاج غير المباشر : Indirect Treatment
العلاج غير المباشر يوجه عادة نحو الوالدين أو المعلمين أو القائمين على رعاية الطفل ، ويتضمن التعامل مع السلوكيات البيئية وسلوك الوالدين تجاه الطفل المصاب . (Rustin & Cook, 1995 ; Zebrowski, 1997 )
وتفضل نان برنشتين (Bernstein, 1997) استخدام العلاج غير المباشر لخفض التهتهة لدى الأطفال صغيري السن (2-6) سنوات وذلك لأنهم في هذا السن لم يتكون لديهم بعد وعى بالاضطراب الكلامي .
كما أوضح بعض الباحثين أن العمل مع الآباء يكون فعَالاً حين تتم مساعدتهم على تغيير طريقة رد فعلهم تجاه أطفالهم المتهتهين مما يؤدي إلى خفض التوتر وسلوكيات المجاهدة لدى هؤلاء المتهتهين (Matthews, et al., 1997) . كما يعتبر هذا العلاج فعال أيضًا مع الأطفال الذين لديهم التهتهة المبتدئة والتهتهة المعتدلة جدًا (Hill, 1995) .
ويهدف هذا النوع من العلاج إلى زيادة ثقة الطفل بنفسه وخفض الخوف من التهتهة عن طريق مناقشة الوالدين مشكلة التهتهة مع طفلهم ، وتوضيح المشاعر المرتبطة بهذه المشكلة مع المحيطين به (Paden, et al., 1999) .
وُيعد دور الأسرة مهماً وقوياً جداً في علاج طفلها المصاب لأنه يحصل على الدعم والدفء والعلاقات الوالدية الحميمة التي تساعده على المواجهة والشفاء . (Rustin, Cook , & Spence, 1995)
والعلاج غير المباشر يتضمن:
-مدخل دمج الوالدين
- مدخل دمج المعلمين
أولاً: مدخل دمج الوالدين Parents Integration ويعتبر هذا المدخل في قمة العلاج لأنه يساعد على التواصل والتفاوض بين الآباء والأبناء مع بعضهم البعض بفاعلية ، ويعتبر الهدف الأساسي من دمج الوالدين هو تسهيل الطلاقة عن طريق تعديل ومعالجة البيئة ، وتعليم الأبوين نماذج بطيئة ومسترخية من الكلام لكي يكونوا نموذجاً يحتذي به الطفل في كلامه ، كذلك يزود أعضاء الأسرة الآخرين بهذه النماذج الكلامية ، وتخفيف الوالدين من المتطلبات والأعباء البيئية أو غيره ذلك من الضغوط الواقعة على الطفل لمحاولة جعله يتكلم بطلاقة .
(Rustin, Botterill, & Cook, 1991 ; Rustin & Cook, 1995)
ولقد اتفق العديد من الباحثين في هذا المجال على ضرورة تزويد الطفل ببيئة مساعدة على الطلاقة وهذا يتم عن طريق دمج الوالدين في العلاج وإرشادهم وتزويدهم بمعلومات عن التهتهة وعن طبيعتها ، وزيادة الظروف المساعدة على إيجاد الطلاقة وجعل الكلام خبرة محببة ، وتزويد الوالدين بطرق لمنع كون التهتهة سببا للخوف والهروب من الكلام فلا يضغطوا على الطفل للكلام في الأوقات التي تزيد فيها التهتهة ، كذلك عدم التعليق على كل كلمة يتهته فيها الطفل وألا يظهروا مشاعر سيئة تجاه هذه التهتهة ، وتشجيع الوالدين على الاشتراك في الجلسات العلاجية لما يتوقع منهم أن يطبقوا الخطوات المتبعة داخل حجرة العلاج في المنزل ، وتعريف الوالدين بالظروف التي تساعد على حدوث التهتهة والعمل على إزالتها أو التخفيف منها ومن هذه الظروف : فقدان انتباه المستمعين ، كثرة مقاطعة الطفل أثناء الكلام ، الحديث تحت ضغط الوقت ، استخدام الطفل أنماطاً صعبة من الكلام لمجاراة أقرانه ، الحديث في ظروف وجدانية صعبة ، إجبار الطفل على الإجابة عن الأسئلة في أوقات كثيرة (Mallard, 1998 ; Zebrowski & Schum, 1993 ; Luterman, 2001, 2003 ; Bloom & Cooperman, 2003).
وقد أجرى اونسلو ومعاونوه (Onslow, et al., 1990) دراسة هدفت إلى محاولة تقليل كمية التهتهة لدى عينة عددها (أربعة أطفال) تراوحت أعمارهم من 3 - 5 سنوات ، تم تشخيص حالتهم على أنها تهتهة مبكرة أو مبتدئة ، وقد تم تقييم الأطفال في ثلاثة مواقف كلامية مختلفة على مدار شهرين قبل البدء وتم تسجيل حديث الأطفال في المنزل وخارجه ، وكان العلاج يعتمد على إجراءين بناء على التغذية الراجعة اللفظية على النحو التالي :
1-
الإجراء الأول يتم داخل المنزل مع الآباء وفيه يندمج الطفل في محادثه كلامية وذلك
عن طريق الصور ، والكتب القصصية وقد طلب من الآباء أن يسجلوا المعلومات والملحوظات
على حديث الأطفال وكذلك مدح الطفل ومعاملته بلطف وتكرار الكلمة التي يحدث فيها تهتهة
، وإذا لم ينجح الطفل في ذلك يستمر في المحادثة بطريقه عاديه أما إذا نجح الطفل في
نطق الكلمة فإن الوالدين يمدحون الطفل حيث يشجع المدح الطفل علي الاستمرار في
النطق السليم وكل جزء في العلاج كان مصحوبا
بأنشطه أخرى .
2- أما الإجراء الثاني فهو الاستثارة اللفظية السريعة المباشرة وهو مصاحب للإجراء الأول وكل من هذين الإجراءين متشابهين باستثناء أن الثاني يتم إجراؤه خارج المنزل ، وبعد العلاج تم وضع الأطفال في برنامج تقييمي ، وتم عمل تقييم قبل العلاج ، وأثنائه وبعده وطلب من الوالدين تسجيل حديث لأطفالهم ، وبعد ذلك تم عمل استبانه للوالدين وطلب منهم أن يقيموا كلام أبنائهم وقد تم عمل 105 شريط وتم تقييمها بواسطة الأطباء المتخصصين ، وكانت النتيجة هي خفض درجة التهتهة لحاله الأطفال الأربعة للحد الأدنى
ويُستخدم
أيضاً هذا النوع من العلاج إذا تبين وجود خلل وظيفي
بالأسرة ، أو أن الأسرة تزيد من متلازمات التهتهة ، أو إذا وجد ضغط أسري ناشئ عن
محاولة مواجهة التهتهة (Kelly, 1995).