المحاضرة الأولى
مدخل إلى الإعاقة العقلية
المحاضرة الأولى
تعريف الإعاقة العقلية
مقدمة عن تعريف الإعاقة العقلية:
تقع الإعاقة العقلية ضمن اهتمام فئات مهنية مختلفة، ولهذا فقد حاول المختصون في ميادين الطب والاجتماع والتربية وغيرهم التعرف على الإعاقة العقلية من حيث طبيعتها ومسبباتها، وطرق الوقاية منها، وأفضل السبل لرعاية الأشخاص المعاقين عقلياً، ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ فقد استدعى التوسع الكبير في الخدمات المقدمة للمعاقين عقلياً وتنوع تلك الخدمات قيام المجتمعات المختلفة بوضع الضوابط والمعايير التي تحدد أهلية الفرد للاستفادة من تلك الخدمات وتحديد الشروط الواجب توافرها في الخدمات اللازمة، وبناءً عليه فقد جعل هذا التطور قضية الإعاقة العقلية موضوعاً اجتماعياً اهتم به المشرعون وأهل السياسة والحكام من باب اهتمامهم بوضع الأنظمة والقوانين المختلفة المتعلقة بالمعاقين عقلياً وتنظيم الخدمات المقدمة لهم، كما اهتم بها أولياء الأمور الذين يهمهم أن يتلقى أطفالهم المعاقون الخدمات المناسبة.
وحيث إن الإعاقة بشكل عام والإعاقة العقلية بشكل خاص ظاهرة لا تعترف بالحدود الاجتماعية ويمكن أن يتعرض لها على حد سواء الأسر الفقيرة والغنية معاً؛ فإنها بحق ظاهرة استرعت بدرجات متفاوتة اهتمام مختلف الفئات المهنية والعلمية إلى درجة من الاختلاف في فهم هذه الظاهرة وتحديد طبيعتها ومسبباتها، حيث حاول الأطباء تفسيرها وفقاً لإطارهم المرجعي، بينما حاول المختصون الاجتماعيون تفسيرها وربطها بالمتغيرات الاجتماعية والثقافية في الأسرة والبيئة المحيطة، وكذلك فعل علماء النفس والتربية حيث انطلقوا في تفسيراتهم من خلفياتهم الأكاديمية والمهنية وقدموا العديد من التفسيرات القائمة على النظريات السيكولوجية والتربوية المختلفة.
وفي ضوء ما سبق يمكن القول أن الباحث في مجال الإعاقة العقلية يواجه مشكلة تعدد المفاهيم التي يتداولها المتخصصون والعاملون في هذا الميدان، واستخدامهم المصطلح الواحد بمعان مختلفة، فقد استخدم الباحثون الإنجليز والأمريكان مصطلحات من قبل: مثل بدون عقل، وصغير العقل، ونقصان العقل، وفي أواخر الخمسينات تخلوا عن هذه المصطلحات واستخدموا مصطلح التخلف العقلي، والتأخر العقلي، أما الباحثون العرب، فقد استخدموا مصطلحات كثيرة منها القصور العقلي، والنقص العقلي، والضعف العقلي والتأخر العقلي والشذوذ العقلي، والإعاقة العقلية، ويرجع هذا التعدد إلى ظروف ترجمة المصطلحات الإنجليزية؛ فبعض الباحثين ترجمها ترجمة حرفية، والبعض الآخر ترجمها بحسب مضمونها، واختلفوا في تحديد هذا المضمون، والتخلف العقلي ليس مرضاً كالسرطان أو السل أو غير ذلك ولكنه حالة.
ويعتبر التخلف العقلي من الحالات الصعبة والمعقدة، ومن ثم فإن التعرف على حالات التخلف العقلي والأساليب المختلفة لمواجهة هذه الحالات وعلاجها لا تزال حتى الآن أمور بالغة الصعوبة، ولكي نتعرف على الإعاقة العقلية فإن من المناسب استعراض بعض التعريفات الطبية والسيكولوجية والاجتماعية والتربوية على الوجه التالي:
-
التعريف الطبي Medical Definition:
-
يعد التعريف الطبي من أقدم تعريفات الإعاقة العقلية، هذا وقد ظهرت تعريفات طبية عديدة للإعاقة العقلية تركز فى جوهرها على إبراز العوامل الأساسية والباثولوجية المسببة للإعاقة, والمؤثرة سلبياً على الذكاء والقدرات العقلية.
-
ولذلك فقد ركز التعريف الطبي على أسباب الإعاقة العقلية. وفى عام 1900 ركز إيرلاند (Ireland)على الأسباب المؤدية إلى إصابة المراكز العصبية, والتي تحدث قبل أو أثناء أو بعد الولادة، وفى عام 1908 ركز تريد جولد treed gold)) على الأسباب المؤدية إلى عدم اكتمال حجم الدماغ سواء كانت تلك الأسباب قبل الولادة أو بعدها.
وفى ضوء ما تقدم تؤكد التعريفات الطبية على العوامل المسببة للإعاقة العقلية كالوراثة أو الإصابة بأحد الأمراض, وما يترتب على ذلك من قصور في كفاءة الجهاز العصبي وضمور أو تلف في خلايا المخ وأنسجته, وشذوذ واضطراب في النواحي والوظائف العضوية والحركية, بغية تحديد الأساليب الوقائية والعلاجية المناسبة.
-
التعريف السيكومتري psychometric:
ظهر التعريف السيكومتري للإعاقة العقلية نتيجة للانتقادات التي وجهت إلى التعريف الطبي, حيث يمكن للطبيب وصف الحالة ومظاهرها وأسبابها دون أن يعطي وصفاً دقيقاً وبشكل كمي للقدرة العقلية، ونتيجة للتطور الواضح في حركة القياس النفسي على يد بينيه في عام 1905 (Binet) وما بعدها بظهور مقياس ستانفورد بينيه للذكاء the Stanford – Binet intelligence Scale والذي ظهر نتيجة لعدد من التعديلات التي أجريت عليه فى جامعة ستانفورد, في الولايات المتحدة (1916 – 1960) ومن ثم ظهور مقاييس أخرى للقدرة العقلية ومنها مقياس وكسلر لذكاء الأطفال عام 1949, Wechsler intelligence Scale for Children وغيرها من مقاييس القدرة العقلية, وقد اعتمد التعريف السيكومتري على نسبة الذكاء ( intelligence Quotient , I . Q كمحك في تعريف الإعاقة العقلية, واعتبر الأفراد الذين يقل معامل ذكائهم عن 70 على منحنى التوزيع الطبيعي للقدرة العقلية معاقين عقلياً. كما هو موضح بالشكل التالي:
منحنى التوزيع الطبيعي للقدرة العقلية
الفرق بين الإعاقة العقلية وبطئ التعلم:
الإعاقة العقلية |
بطئ التعلم |
تمثل الإعاقة العقلية مستوى من الأداء العقلي الوظيفي والذي يقل عن متوسط الذكاء بانحرافين معياريين (أقل من 70)، ويصاحب ذلك خلل واضح في السلوك التكيفي، ويظهر في مراحل العمر النمائية منذ الميلاد وحتى سن (18سنة). |
تمثل حالات بطء التعلم تلك الحالات التي تقع نسبة ذكاءها ما بين (85 – 70) درجة على منحنى التوزيع الطبيعي. |
الفرق بين الإعاقة العقلية وصعوبات التعلم:
الإعاقة العقلية |
صعوبات التعلم |
تمثل الإعاقة العقلية مستوى من الأداءالعقلي الوظيفي والذي يقل عن متوسط الذكاء بانحرافين معياريين(أقل من 70)، ويصاحب ذلك خلل واضح في السلوك التكيفي، ويظهر في مراحل العمر النمائية منذ الميلاد وحتى سن (18سنة). |
تمثل حالات صعوبات التعلم تلك الفئة من الاطفال التي لا تعاني من نقص في قدرتها العقلية حيث تتراوح نسبة ذكاء هذه الفئة ما بين (85 – 145) درجة على منحنى التوزيع الطبيعي، ولكنها تعاني من صعوبة في علم أكثر. |
الفرق بين الإعاقة العقلية والمرض العقلي:
الإعاقة العقلية |
المرض العقلي |
|
1 |
تحدث قبل سن 18 سنة (أثناء فترات النمو). |
يحدث في أي مرحلة من مراحل النمو المختلفة. |
2 |
غير قابلة للعلاج. |
قابل للعلاج. |
3 |
معامل الذكاء أقل من المتوسط بانحرفين معياريين(أقل من 70). |
معامل الذكاء متوسط أو فوق المتوسط |
4 |
ليس لديه هلاوس سمعية أو بصرية. |
لديه هلاوس سمعية وبصرية. |
5 |
لا يفقد صلته بالواقع. |
يفقد صلته بالواقع ويعيش في حالة انقطاع عن العالم الواقعي. |
6 |
لا يقاوم العلاج والتدريب. |
يقاوم العلاج. |