المدونات
المدونات
من الجدير بالذكر أن استخدام أدوات الإعلام الجديد لتحقيق أغراض سياسية سبق الثورات العربية بعدة سنوات, ففي عام 2002م مثلاً قام العديد من المدونين بالكتابة بشكل متواصل عن تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها السيناتور الأميركي ترينت لوت خلال حفل أقيم لتكريم السيناتور ستروم ثورموند في عيد ميلاده المائة أشاد به فيه وقال أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت ستكون أفضل حالاً مما هي عليه الآن فيما لو كان ثورموند فاز بالرئاسة الأمريكية التي كان مرشحاَ لها عام 1948م. ورغم أن جميع وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون كانت موجودة خلال الحفل إلا أن هذا التصريح لم يثر أي إنتباه حتى بدأت المدونات بالكتابة عنه متهمة السيناتور لوت بأنه بتصريحه هذا عبر ضمنياً عن تأييده وموافقته لسياسية الفصل العنصري التي كان تورموند يدعمها ويدعو لها في ذلك الوقت. وقد تسبب إثارة المدونين لهذه القضية في تزايد الضغوط على لوت حتى أضطر للاستقالة من منصبه.
بالمثل في عام 2004م كان المدونون هم من أشعل فتيل ما عرف بـ "Rather gate" نسبة إلى الفضيحة الإعلامية التي طالت المذيع الأمريكي الشهير دان راذر. دان راذر قام في برنامجه المعروف (60 دقيقة) بعرض 6 وثائق قال إنها وثائق أصلية ذات حساسية وأهمية للرئيس جورج بوش وتتعلق بخدمته العسكرية ويمكن أن تؤثر على فرصه في الانتخابات الرئاسية التي كان موعدها بعد شهرين فقط من عرض راذر لبرنامجه. وقد أدعى عدد من المدونيين بأن تلك الوثائق مزورة وقاموا بتقديم أدلة تدعم وجهة نظرهم. وبناءا على ذلك اضطرت قناة CBS للاعتذار والإعتراف بخطأها. العديد من المدونين إعتبروا أن هذا الحدث يعتبر إعترافا بالمدونات من قبل الإعلام الجماهيري كمصدر للأخبار والرأي وكوسيلة مؤثرة لممارسة الضغط السياسي.
ومنذ عام 2004م بدأ إهتمام الساسة الأمريكيين وغيرهم بالمدونات يتزايد بشكل كبير كوسيلة للتعبير عن أرائهم والتواصل مع الجماهير وجذب المزيد من الأصوات إليهم. فخلال حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2004م كان أربعة من مرشحي الرئاسة التسع عن الحزب الديموقراطي لديهم مدونات رسمية، كما أن اللجنة الديمقراطية القومية (DNC) أنشأت لها مدونة خاصة ذكرت في مقدمتها أسباب اللجوء إلى هذه الوسيلة بالقول:
" المدونات فتحت المجال واسعاً لجميع مناحي السياسة. جميع مرشحي الرئاسة الديمقراطية لديهم اليوم مدونات. لماذا وما هي الإضافة التي توفرها تلك المدونات والتي جعلت الناس يتجهون لها كمصدر للأخبار والتواصل؟.. إن أحد أكثر شكاوى الناس من الساسة ومن الأحزاب السياسية هو الافتقار للتواصل بين هؤلاء الساسة في واشنطن وبين بقية الناس في أمريكا. نحن نصدر نشرات ونرسل رسائل بريد الالكتروني وإعلانات، وأنتم تكتبون رسائل وتتطوعون لأجلنا وتتبرعون لنا ولكن تظل مع كل ذلك هناك نقطة غائبة وحلقة مفقودة ألا وهي التواصل الشخصي المباشر. إن المدونات تجعل ذلك التواصل ممكنا.على مدونتنا سوف يمكنك التواصل مع أشخاص حقيقيين في اللجنة الديمقراطية القومية وسوف تسمع منا وتجد اهتمام حقيقي، كما أننا سوف نستمع إليك بإنصات ".