المدونات (تابع )
اليوم إنتشرت المدونات بحيث أصبحت أداة أساسية يستخدمها معظم الساسة الأمريكيين بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية وذلك من أجل تغطية أخبارهم والتواصل مع الناسعبرها بشكل قريب ومباشر، فهناك مثلاً مدونة خاصة بالبيت الأبيض (Whitehouse.gov/blog) ومدونة خاصة بالرئيس أوباما (Obamabarack.blogspot.com) يتواصل عبرها مع الناس ويطلعهم على تفاصيل حملته الانتخابية وأنشطته.
وقد كانت إسرائيل من اوائل الدول استخداماً للمدونات حيث أدركت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن نجاحها في تحييد حركة حماس هو عن طريق استخدام أدوات الإعلام الجديد ومنهاالمدونات ذات الوسائط المتعددة. ديفيد سارانجا مدير العلاقات الإعلامية لدى القنصلية الإسرائيلية في نيويورك قال: "كما أن تعريف الحرب قد تغير فإن تعريف العلاقاتالدبلوماسية يجب أن يتغير أيضاً بالمثل.". ديفيد سارانجا عقد أول مؤتمر صحفي حكومي على تويتر ولم يتردد خلاله من استخدام الاختصارات الشائعة لدى مستخدمي الإنترنت. وقد علق على ذلك قائلاً: "أنا أتحدث إلى جميع الشرائح والأعمار باللغة التي يفهمونها" أما عربياً فإننا نجد أن الاهتمام الحكومي بالمدونات ضعيف جداً سواءاً من حيث العددأو المحتوى أو الاستفادة من الخصائص الكثيرة التي توفرها المدونات مثل سهولة التحديث والتفاعل والوسائط المتعددة. ويبدو أن الجهات الحكومية العربية غالباً ما تكتفي بإنشاءمواقع لها على الشبكة العنكبوتية رغم أن ذلك لا ينبغي أن يلغي أهمية التواجد أيضاً عبر المدونات. فالبيت الأبيض الأمريكي مثلاً لديه موقع على الشبكة العنكبوتية وفي نفسالوقت مدونة رسمية.
من مواقع المدونات العربية القليلة المدونة الرسمية لهيئة الطرق والمواصلات بدبي والذي يحتوي على معلومات شاملة عن أنشطة الهيئة مثل النقل البحري والمواصلات العامةوتاكسي دبي والتراخيص، إضافة إلى أخر أخبار الهيئة.
كما أن جامعة الملك سعود أنشأت منصة للتدوين تتناول شئون التدويين وتضم العديد من مدونات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
المدونات العربية بدأت في الظهور عام 2004م وما لبثت أن انتشرت وزاد تأثيرها في عام 2005م والذي تزامن مع ما شهدته المنطقة من حراك سياسي وإرتفاع للأصواتالمطالبة بالإصلاح والتغيير والذي لعب فيه أولئك المدونون دوراً هاماً وساهموا في دفع عجلة التغيير ورفع درجة الوعي السياسي في بلدانهم. ووفقاً لتقرير الشبكة العربيةلمعلومات حقوق الإنسان 2009م يبلغ عدد المدونات العربية نحو 600 ألف مدونة، الناشط منها هو 150 ألف مدونة تقريباً أي حوالي 25٪ فقط. ويوجد أكبر عدد من المدوناتفي مصر والتي تمتلك حوالي ثلث المدونات العربية، يليها المملكة العربية السعودية، فالكويت، ثم المغرب.وتعد الشريحة العمرية الأكثر استخداماً للمدونات هي الفئة العمرية بين25-35 عاماً بنسبة 45٪ بينما يمثل المدونون فوق 35 عاماً حوالي 9٪. وتمثل الإناث 34٪ من المدونين العرب.وفيما يتعلق بقدرة المدونات على لعب دور تغييري في المجالالسياسي، فإن هناك رأيين، أحدهما يرى أن التدوين لا يزيد عن كونه نشاطاً تقوم به نخبة صغيرة من الكتاب والمثقفين، يخاطبون به أقلية من الجماهير العربية، ومن ثم فإنه لنينتج عنه أي تغيير سياسي عميق . بينما يرى الطرف الآخر أن التدويين أصبح يلعب دوراً متزايداً في تشكيل الرأي العام، خاصة في ظل الدور الإيجابي الذي لعبه المدونون فيبعض الدول العربية والذي ساهم في نشر ثقافة الإحتجاج وزيادة معدلات الممارسة للناشطين سياسياً (الفطافطة,2011, ص 24).
المدونون العرب نجحوا في القيام بدور أساسي على الساحة السياسية والضغط على الحكومات للتحرك حيال عدد من القضايا منها على سبيل المثال قضايا التعذيب والتحرشالجنسي في مصر عام 2006م، وقضايا الرشاوي التي تتلقاها عناصر من الشرطة عام 2007م.ويعتبر العالم العربي واحداً من أسوأ مناطق العالم ممارسة للرقابة على الإنترنتواعتقالاً للمدونين، كما أن الدول العربية دائمة التواجد على قائمة أعداء الإنترنت التي تصدرها سنوياً منظمة مراسلون بلا حدود.
خلاصة القول، أنه رغم كل إجراءات الرقابة على الإنترنت والقمع والتخويف للمدونين في الدول العربية فإن ظاهرة المدونين ثبت عملياً صعوبة إيقافها والسيطرة عليها، لا عبرتقنيات الرقابة أو بنود القوانين الصارمة والإجراءات القمعية بحق المدونين.
سهولة إنشاء المدونة وقلة تكلفتها إضافة إلى ما تتميز به من خصائص أخرى عديدة كسهولة الاستخدام والتحديث والآنية والتفاعل والوسائط المتعددة وعالمية الإنتشار. كل هذهخصائص ثبت عملياً كما رأينا أنها تمنح السياسيين والأجهزة الحكومية المختلفة فرصاً لا ينبغي تجاهلها لعرض افكارهم وخططهم وللتواصل مع المواطنين وعرض الخدماتالمختلفة عليهم وتسهيل قيامهم بها.
إن على الدول العربية النظر للمدونات ليس بعين الشك والحذر والريبة لما ينشره المدونون عليها، ولكن بإعتبارها أداة يمكن الاستفادة منها لخدمة المواطن وردم الهوة معهومتنفس يمكنه من خلاله التعبير عن أرائه وأفكاره.