المهارات منى توكل
المهارات الحياتية والتفاعل الاجتماعي
اعداد الدكتورة / منى توكل السيد
يعد الاهتمام بالطفولة إحدى مؤشرات حضارة الأمم وتقدمها. فهو مطلب رئيس تقتضيه الحاجة إلى مواجهة التخلف، والتحديات العلمية، والصحية، والتكنولوجية، التي تواجه كل أمة تريد لنفسها البقاء والاستقلال والسيادة. فلو هيئت البيئة السليمة التي تساعد الأطفال على النمـــو السوي عقلياً، واجتماعياً، وانفعالياً، لأصبح من السهل على هذه الطاقات البشرية أن تنطلق في دور بناء لخدمة مجتمعها .
وقد شهدت التربية الخاصة في تقدمها وتطورها العديد من التطورات والتغيرات في مفاهيمها وعلاقتها بالعلوم الأخرى في مختلف مجالات الحياة، وأصبح المجتمع بشكل عام ينظر إلى التربية الخاصة باعتبارها علم متخصص للتعامل مع تلك الفئات الأكثر خصوصية في المجتمع وهم فئة الأفراد ذوي الحاجات الخاصة الذين ينحرفون بشكل واضح وغير مألوف عما يعتبره المجتمع العادي، وهم تلك الفئات الأقل حظاً عن غيرهم في المجتمع، كالأشخاص المعاقين عقلياً وجسمياً، وذوي صعوبات التعلم، والمضطربين انفعالياً، بالإضافة إلى الأشخاص المتفوقين والموهوبين والمبدعين والعباقرة، وإذا كنا أسمينا أولئك الأشخاص بالأفراد الأكثر خصوصية، فهناك فئة من هؤلاء الأفراد أكثر وأكثر خصوصية، وهم الأطفال التوحديين.
فالتوحد من أكثر الإعاقات التطورية صعوبة بالنسبة للطفل، وقد بدأ التعرف عليه منذ حوالي 60 سنة، ويعرف بصعوبة في التواصل وفي العلاقات الاجتماعية وباهتمامات ضيقة قليلة، وقد حاول الأطباء معرفة أسباب هذا المرض ورجح الكثير منهم الإصابة به إلى أسباب عضوية وليست نفسية رغم أنها مازالت غير محددة تماما ، وبالتالي لم يعرف له دواء محدد، ورغم أن ذلك غير واضح حتى المستقبل القريب، إلا أن استعمال بعض المداخل الطبية والسلوكية والتعليمية أظهرت الكثير من التقدم مع هؤلاء الأطفال ، وأفضل البرامج تحث على إشراك هؤلاء الأطفال مع أسرهم ومجتمعهم وعدم عزلهم لأن ذلك سوف يزيد من تقوقعهم على أنفسهم وعدم اٍستفادتهم من تقليد خبرات أقرانهم (السعد،1997).
إضافة إلى ذلك؛ فإن التوحد يعد من أشد وأعقد الإعاقات التي تلحق بالأطفال قبل عمر الثلاث السنوات، كما تمثل إعاقة التوحد إحدى الاضطرابات المعوقة للنمو الارتقائي على نحو يشمل كثيرا من جوانب الخلل، أو القصور في نمو الإدراك الحسي، واللغة والاستجابة لمثيرات البيئة مما يؤدي إلى خلل واضح في التواصل مع الآخرين، والتفاعل الاجتماعي واللعب التخيلي عند الأطفال. (فراج، 2004: 5). ويرى سليمان (1999: 31) أن تشخيص التوحد لا يزال من أكبر المشكلات التي تواجه الباحثين والعاملين في مجال الطفولة ؛ وربما يرجع ذلك إلى أن خصائص أو صفات التوحد غالباً ما تتشابه وتتداخل مع اضطرابات أخرى ؛ لذلك يتعسر الحصول على معلومات دقيقة حتى يتم تشخيص الأعراض بدقة، وتُعد فئة التوحد فئة غير عادية ، ويتطلب هذا من المجتمع أن يقدم لهم خدمات تربوية، ورعاية خاصة، تختلف عما يقدمه للأطفال العاديين ، بهدف مساعدتهم على الوصول إلى أفضل مستوى يستطيعون الوصول إليه من حيث التوافق الشخصي والاجتماعي والبيئي.
فالأطفال التوحديين هُم الذين يُلاحظ عليهم منذ بدء حياتهم الانسحاب الشديد والاستغراق في الذات وعدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين ؛ ونظراً لأن حوالي 77٪من المصابين بالتوحد لديهم تأخر ذهني تتفاوت شدته من البسيط إلى الشديد، حيث إن هناك نسبة 50٪ من النسبة السابقة من المصابين بالتوحد لديهم تأخر ذهني من بسيط إلى متوسط وهناك نسبة 27٪ من الأشخاص المصابين بالتوحد لديهم تأخر ذهني شديد، وبالتالي سيظهر قصور في مجال أو مجالين من مجالات المهارات التكيفية مثل العناية الذاتية، والحياة المنزلية، والتوجيه الذاتي، والصحة والسلامة، والمهارات الأكاديمية، ووقت الفراغ ، ومهارات العمل.
ويتميز الطفل التوحدي بعدة خصائص منها:
-
ضعف أو قصور في مهارات اللغة والتواصل وتتمثل أعراضها في التالي:
تأخر في تطور اللغة، استخدام ذخيرة تكرارية أو نمطية من الكلمات، استخدام بعض الكلمات والأصوات غير المفهومة، العجز في فهم الكلمات المنطوقة والحديث الموجه، غالبا ما يرتبط الكلام (إن وجد) بالاحتياجات الأساسية، ضعف التميز بين الضمائر مثل ( أنا، أنت، نحن )، الصعوبة في التعبير وبناء الجمل البسيطة، فقدان المقدرة على استخدام اللغة الرمزية مثل التسمية، فقدان المقدرة على تقليد ومحاكاة أفعال وأقوال الآخرين.
-
ضعف أو قصور في القدرة على اللعب والتخيل، مع وجود السلوكات، والاهتمامات، والنشاطات المحدودة؛ وتتمثل أعراضها في التالي:
الانشغال بأنواع محددة من الاهتمامات، تعلق غير طبيعي ببعض السلوكات والعادات الروتينية، حركات جسدية نمطية ومتكررة مثل الرفرفة باليدين وهز الرأس، الانشغال المفرط بأجزاء الأشياء، تشتت الانتباه وعدم التركيز، مقاومة التغير في الروتين، اللعب بطريقة شاذة وغريبة وبصورة متكررة ومعتادة، عدم التوافق الحركي.
-
ضعف أو قصور في مهارات التفاعل الاجتماعي وتتمثل أعراضها في التالي:
استخدام السلوكات للتواصل اللفظي وغير اللفظي في المواقف الاجتماعية المختلفة، مثل التواصل البصري، والإيماءات وتعبيرات الوجه، والأوضاع الجسدية مثل العناق، الفشل في المبادرة لتكوين العلاقات الاجتماعية والصداقات المناسبة مع الآخرين وفقاً للمستوى النمائي لديهم. فقدان المقدرة التلقائية في المحاولة لمشاركة الآخرين، والتعاون معهم، والاهتمام بهم، والالتفات حولهم، العلاقة الوسيلية بين الطفل ووالديه وخاصة الأمهات، العزلة الاجتماعية واللامبالاة، فقدان المقدرة على التبادل العاطفي أو الاجتماعي، وفقدان اللعب الاجتماعي (محمد، 2000: 32-44 ).
-
قصور في أداء بعض المهارات الاستقلالية والحياتية:
يتفق كل من فراج (1996) ؛ عمارة (2005) على أن الطفل التوحدى لديه قصور وعجز في العديد من الأنماط السلوكية التى يستطيع أداءها الأطفال العاديين من هم في نقس سنه ومستواه الاجتماعي والاقتصادى ، ففى سن ( 5 ) أو ( 10 ) سنوات من عمره قد لا يستطيع الطفل التوحدى أداء أعمال يقوم بها طفل عمره الزمنى سنتين أو أقل ، كما يعجز عن رعاية نفسه أو حمايتها أو إطعام نفسه بل يحتاج لمن يطعمه أو يقوم بخلع الملابس وارتدائها وقد لا يهتم عند إعطائه لعبة يلعب بها بل يسارع بوضعها في فمه أو الطرق المستمر عليها بيده أو أصابعه وهو في نفس الوقت يعجز عن تفهم أو تقدير الأخطار التى يتعرض لها ، وتشيع لدى أطفال التوحد أعراض التبول الليلى ومشكلات الأكل والأرق. ويؤكد "عبد العزيز" (1999، 85) أن الطفل التوحدى من الممكن أن يشرب سوائل كثيرة بطريقة غير منتظمة كما أنه لديه عدم انتظام في الأكل واللبس والنوم ، كما يوجد عدم استقرار في وزن الجسم زيادةً أو نقصاناً ويقتصر طعامه على أنواع معينة ، كما نجده مستيقظاً بشكل متكرر ليلاً ويصاحب ذلك هز الرأس وإرجاعها بشكل متكرر. وبذلك نجد أن التوحد يحمل في طياته خصائص أساسية هي القصور الاجتماعي والقصور اللغوي والسلوك النمطي، ونقص في المهارات الحياتية ، وفي ظل هذه الخصائص يشكل الطفل التوحدي إزعاجا لكل من حوله.
ويعد استخدام الحاسوب لدى ذوى الاحتياجات الخاصة من أكثر الوسائل فاعلية، لأنهم في مسيس الحاجة إلى وسيلة تعليمية متعددة الحواس، فيزيد من انتباههم وينمى تفكيرهم ، ويدفعهم إلى التعلم، ويشوقهم إلى كل ما هو جديد، بالإضافة إلى أن الحاسوب يلعب دورا فعالا كأداة ترفيهية في تحسين توافقهم النفسي والاجتماعي الذي يعانون من انخفاضهما. لذلك؛ فإن الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة في أشد الحاجة لتعلم بعض الفنون والنظم التعليمية أكثر من الأطفال العاديين، تأكيدا لذلك، فلقد استفاد التلاميذ ذوو الاحتياجات الخاصة من التدريب على برامج الحاسوب في تحسين انتباههم وإدراكهم اللغوي ومهارات التواصل، ويمكن اختيار المناسب منها خاصة البرامج المستحدثة وفائقة الجودة وهي الوسائط المتعددة والاستفادة منها (Barbara & Richard,1994:120).