السلوك الاجتماعي
أنماط السلوك الاجتماعي للتوحديون
اعداد: د. منى توكل
فأنماط السلوك الاجتماعي غير المناسب تظهر عادة عند أطفال التوحّد بشكل ملحوظ قبل سن الخامسة، إذ يصبحون أقل انخراطا في الأنشطة المتكررة، ويظهرون عدم مبالاة بالآخرين، وإذا أظهروا رغبة في الانضمام للحياة لاجتماعية فإنهم يستخدمون طرقا غير فعالة وغير ملائمة للتواصل مع الآخرين (Wing,1979). وبعد سن الخامسة تتمثل أهم المشكلات لدى الأطفال التوحّديين في عدم مشاركتهم اللعب الجماعي التعاوني مع الأطفال الآخرين، وفي الإخفاق في إقامة علاقات اجتماعية، وكذلك الإخفاق في فهم المشاعر العاطفية للآخرين واستجابتهم لها وإدراكها .(Rutter, 1979)
فقد حاول كين (Keen, 2003) أن يفسر مشكلة أنماط السلوك التي يظهرها الأطفال التوحّديون، في أن تكون شكلا من الاحتجاج أو الإخفاق في التعبير عن الاحتياجات والرغبات، حيث يظهر الأطفال التوحّديون سلوك إيذاء الذات أو العدوان لتوصيل رسالة معينة، وقد برهنت هذه الأنماط من السلوك فعاليتها في تلبية احتياجاتهم. فالعديد من المشكلات السلوكية التي يعاني منها أطفال التوحد ومن ضمنها التخريب، والانسحاب الاجتماعي، والنشاط الحركي المفرط، والعدوانية ما هي إلا مشكلات ثانوية في السلوك نتيجة ما يعانيه هؤلاء الأطفال من اضطرابات في التواصل. وبهذا يمكننا القول أن السلوك التواصلي والاجتماعي المنحرف والمترافق مع التوحّد، فإنه غالبا ما يكون ناتجا عن اضطرابات في تطور اللغة لديهم (Wilner, 2001).
ويذهب "دونلاب وبيرس" (Dunlap & Pierce, 1999) إلى أن هناك عدداً من السمات التي تميز الأطفال التوحديين وذلك في مجالات العلاقات الاجتماعية، والتواصل، والعمليات الحسية والإدراكية، واللعب، والسلوكيات حيث قد يفشل الطفل في التفاعل مع القائمين على رعايته، ويفضل أن يقضي معظم الوقت بمفرده، ولا تبدو عليه السعادة أبداً، ويبدي قدراً ضئيلاً من الاهتمام بتكوين صداقات، وتقل استجابته للإشارات والإيماءات الاجتماعية. كما أن لغته تنمو ببطء أو لا تنمو على الإطلاق، ويردد الكلمات ويكررها دون أن يقصد معناها، ويستخدم الإشارات بدلاً من الكلمات، ويتسم انتباهه بقصر المدى. كذلك فهو يبدو وكأنه أصم، ولا يحب أن يلمسه أحد، وتعد ردود فعله للاحساسات المادية غير عادية، ولا يبدي أي مبادرات للعب التخيلي أو التظاهري، ولا يقلد أفعال الآخرين. كما أن سلوكه يعد نمطياً ومتكرراً، وتنتابه نوبات غضب وبكاء مستمر دون وجود سبب واضح. ويري حلواني ( ١٩٩٦ ) أن الأطفال التوحديين يتسمون بعدم القدرة على المشاركة في العلاقات الاجتماعية، واضطرابات في القدرة علي عمل صداقات تقليدية إذ ليس لديهم المهارات اللازمة لذلك، كما ينقصهم التعاطف مع الآخرين ووجهات نظرهم وأحاسيسهم، وهم غالباً لا ينشغلون في التفاعلات والأعمال التعاونية أو المتبادلة مع الآخرين، ومن ناحية أخرى تؤكد الجمعية الأمريكية للتوحد ( ١٩٩٩ ) أنهم لا يبادرون بإجراء حوار مع الآخرين وإن بدأت المحادثة فإنها تكون محورية ذاتية بعيدة عن اهتمام المستمع، وربما يهربون من منتصف المحادثة. وإلي جانب ذلك فإننا نلاحظ أن الفرد التوحدي يصبح في حالة تهيج وإثارة عندما يقترب الآخرون منه أو يتفاعلون معه، كما أنه في الغالب يرفض أي نوع من الاتصال والتفاعل الطبيعي الاجتماعي حتى البسيط منه. ويمكن أن يشترك الطفل في الاتصال بشخص آخر من خلال التحدث بتودد وحب أو من خلال التحدث بطريقة الطفل المعتوه. كما أن كلامه ينقصه الوضوح والمعني، وهو نفسه يعاني من نقص في التواصل البصري وفهم التعبيرات الوجهية والإيماءات الاجتماعية. ومن جانب أخر نلاحظ أن سلوكهم يغلب عليه التبلد الانفعالي وعدم الاكتراث بمن حولهم، ويؤثرون الانعزال والانسحاب في المواقف الاجتماعية، وعدم الاكتراث بالمعايير الاجتماعية.