تابع قاعدة التحليل التفاعلي
4-نمط تفاعلي " راشد –والديه" (ر.و)
ومثل هذا النمط من التفاعل يحدث عادة بين مستوى الراشد فى شخصية المرء ومستوى الو الدية فى شخصية الآخر.
ومثال على ذلك، ذلك الرجل الذي يود التخلص من عادة التدخين ،ولديه مبررات قوية،لذلك "مستمدة من مستوى الراشد فى شخصيته" لعلمه بمدى تأثير التدخين على صحته ثم يلجأ عادة إلى زوجته ويطلب منها "مستوى الو الدية لدى الزوجة"أن تمزق السجائر إذا رأته يحاول أخذ واحدة ليدخنها؟.
مما سبق يتضح لنا أن نظرية التحليل التفاعلي Transactional Analysis Theory لأيريك بيرن Eric Bern تستند فى بنائها النظري على أساس من نظرية التحليل النفسي الفرويدى،وأن كانت تتضمن بعض المكونات التي قد تختلف جوهريا عنها.
فإذا ما أمعنا النظر فى الجذور الأساسية للنظريتين يسهل علينا أن نجد تشابها قويا ،قد يبلغ حد التطابق بين مفهوم الأنا الأعلىSuper Ego لدى فرويد ومفــــهوم "الو الدية"لدى أريك بيرن فالضمير الخلقي للفرد "الإنسان" إنما يتكون من الأوامر والنواهي التي تقوم بها نماذج الوالدين فى تناولهما للطفل تنشئة وتربية فى طفولته الأولى،حتى يغدو ذلك الأنا الأعلى لدى الطفل (حين يتكون)وريثا شرعيا لتلك الأوامر والنواهي الو الدية.
كذلك يمكن أن نلمس بشيء من العمق كيف أن مستوى "الراشد "فى نظرية بيرن هو الذي يقابل الأنا Ego"الذات الشعورية"التي تتعامل مع الواقع (والحقائق الخارجية"فى محاولة التوفيق بين مطالب الهو من ناحية ومطالب الأنا الأعلى من الناحية الثانية فى نظرية التحليل النفسي
وكذلك الحال إذا ما تعمقنا فى نظرية التحليل التفاعلي "التبادلي" ،أمكن لنا أن ندرك أن مستوى الطفل ،هو ذلك البديل المكافئ للهو Idلدى فرويد ،أن الهو لدى نظرية التحليل الفرويدى هو ذلك المستوى الغريزي الذي لا يقبل التعديل أو الإلغاء وهو لدى بيرن ذلك المستوى من الشخصية الذي يمثل المادة الخام قبل تشكيلها أنه الطفل فى الإنسان.
وهكذا يتضح لنا أن نظرية بيرن ليست نظرية جديدة تماما ،كما أنها ليست تكرارا مطابقا لنظرية فرويد تماما،أنها وأن كانت تستند على معطيات نظرية التحليل الفرويدى وأسسها العميقة،إلا أنها تمتاز بتناولها لتلك المعطيات ،والأسس تناولا جديدا تمنح فيه الإنسان حرية الإرادة" Free-Well" المفتقدة فى نظرية التحليل النفسي التي تعتمد على مبدأ"الحتمية"من ناحية و إجبار التكرار من ناحية أخرى ،فالإنسان من منظور التحليل التفاعلي يمتلك الإرادة الحرة،ولديه دوما القدرة على التعبير عن إرادته لو شاء.
كذلك تعتمد نظرية أريك بيرن على منطقة الشعور"Conscious" فى شخصية الإنسان اعتمادا أصيلا ،بعكس التحليل الفرويدى التي ترتكز تركيزا كبيرا وأساسيا على اللاشعور.
وهكذا تنطلق نظرية أيريك بيرن نحو آفاق رحبة فى تملك الفرد لحرية الإرادة ومن ثم قدرته على التغير ،فهي نظرية تقدم لأول مرة نموذجا حيا لتمكين المرضى من وسيلة فعالة للعلاج النفسي والإرشاد النفسي،عن طريق تزويدهم بقدر من الاستبصار بمكونات شخصياتهم الثلاثة "والدية/ راشد/ طفل"ومساعدتهم على تحرير مستوى "الراشد "من كل من المستويين "والدية /طفل" حتى يمتلك الإنسان حقا إرادة التغيير،طبقا للواقع الخارجي (والحقائق الخارجية).