تشخيص الموهوبين الصم
تشخيص الموهوبين الصم
يشهد القرن الحادي والعشرون تحولاً نوعياً في المعارف،
فلم يعد مهماً ما يعرفه الفرد من معلومات بقدر أهمية التعامل معها، وتوظيفها في
تنمية المجتمع وتطويره؛ ولذلك فالثروة الحقيقية هي رأس المال في المجتمع البشرى
وما يمتلكه كثيرٌ من أفراده من قدرات وإمكانات بغض النظر عما قد يعانيه كثيرٌ من
هؤلاء الأفراد من إعاقات قد تعوق اكتشاف ما لديهم من قدرات أو مواهب خاصة، الأمر
الذي يتطلب إعادة النظر في ممارسات التقييم المتبعة في تربية الموهوبين والتربية
الخاصة؛ حيث إن النظر إلى الموهبة فقط أو الإعاقة قد يترتب عليه إغفال أحدهما أو
كلاهما. وقد ذكر القريطى (2005) أنه قد صبغت كل ثقافة مفاهيم
الموهبة والتفوق والإبداع والعبقرية بمنظورها الخاص تبعاً للاستعدادات والقدرات
التي تحتاج إليها، وأشكال البراعة والتميز التي تميزها، والقيم التي تجندها
وتزكيها، وأساليب الحياة السائدة فيها؛ ولذلك تعددت تعريفات الموهبة وأساليب
التعرف على الموهوبين ورعايتهم والأهداف المرجوة من الموهوبين. وكتبت
هولينجورث Hollingworth (1923) عن الأفراد ذوي القدرات والإعاقات الخاصة في كتاب بعنوان المواهب والإعاقات
الخاصة: أهميتهم للتعليم. وقد أدى عملها هذا إلى بدء النقاش حول الأفراد الذين
لديهم قدرات في مجال ما وأوجه قصور في مجال آخر، وحتى ذلك الوقت لم تكن فكرة كون
الطفل متقدماً في مجال ما دون أن يكون كذلك في كل المجالات تلقى اهتماماً كبيراً.
وقد نادت هولينجورث في كتابها بتمييز التدريس ليتسع لهؤلاء الأطفال جميعاً،
والتعرف على مبدأ الفروق الفردية وتطبيقه في كل المدارس العامة"
(Chamberlin; Buchanan and Vercimak (2007)، وبعد ذلك بستين عاماً حث كارنس Karnes
معلمي التعليم العام والتربية الخاصة للتعرف على الأطفال الصغار الموهوبين وخدمتهم
بداية من سنوات ما قبل المدرسة. وأهمية الاكتشاف والتعرف على الموهوبين من ذوى
الإعاقة، حيث يترتب على الفشل في التعرف والتقييم المبكرين لحاجات الطفل والأسرة
تقليل فرصة النمو الأمثل للطفل وضغط لا داعي له على الأطفال والأسر (Kay,
2000; Silverman, 2000). وبالتالي إهمال ما قد يكون لدى الطفل ذي
الإعاقة فى مجال أو أكثر من مجالات الموهبة؛ لذلك يعتبر التعرف على الأطفال
الموهوبين من تلاميذ المدارس قضية مليئة بالتحدي والتعقيد والخلاف، وستظل كذلك حتى
يتمكن المربون من التوصل إلى اتفاق حول مفهوم الموهبة يتميز بالعمومية والثبات
والبعد عن الغموض والخلط، وبالتالي حول أساليب وأدوات يمكن الوثوق في صلاحية
استخدامها في التعرف على التلاميذ الموهوبين من ذوى الإعاقة (Smith,
2007) . لذلك يؤكد عبدالله (2003) على أن التشخيص الأفضل للأطفال
الموهوبين من الصم/ ضعاف السمع وما يملكون من قدرات، هو التشخيص الذي ينظر إليهم
على أنهم من ذوي الاستثناءات المزدوجة؛ حيث
يتم تشخيصهم على أنهم معوقون سمعياً من ناحية، وموهوبون من ناحية أخرى وذلك
على النحو التالي:
1- تشخيصهم على أنهم صم/ ضعاف السمع: ويتم ذلك من خلال تقرير طبي يوضح أنه بعد استخدام الأساليب المختلفة للكشف عن الصمم وضعف
السمع تبين وجود بعض المؤشرات والأعراض الدالة على الصم وضعف السمع لديهم مع تحديد
نسبة فقد السمع التي يتحدد في ضوئها مدى حدة أو شدة هذه الإعاقة حتى يتسنى تقديم
الرعاية المناسبة.
2- تشخيصهم على أنهم موهوبون: ويتم ذلك بتحديد جانب أو أكثر من جوانب الموهبة التي
تميز الأطفال، وتعكس قدراتهم وإمكاناتهم، وذلك من خلال جوانب الموهبة والتي تعد
بمثابة جوانب قوة لديهم مع تحديد مظاهر تلك الموهبة وأهم ما يمكن أن نفعله في سبيل
تنميتها وتطويرها ورعايتها. وبالرغم مما لدى الصم / ضعاف
السمع من قدرات إلا أنهم غير ممثلين في البرامج، رغم الحاجة إلى التوفيق بين
مجموعتي الخدمات التي يحتاجون إليها. وفى هذا الصدد، قام كل من وايتمور وماكر Whitmore
& Maker (1985) بتحديد أربع معيقات قد تواجه عملية
الاكتشاف والتعرف على الطلاب الصم/ ضعاف السمع الموهوبين ذوي القدرات الخاصة وهي
كما يلي: التوقعات النمطية, وتأخر النمو, والمعلومات الناقصة عن الطفل, ونقص الفرص
المناسبة التي يمكن للطفل من خلالها إبراز قدراته العقلية. بالإضافة إلى أنه
غالباً ما قد تغطي أو تخفي ظروف الإعاقة نفسها موهبة الطفل الموجودة لديه. كما
تؤكد ريم (2003) على أن المعلمين والخبراء العاملين في مجال الإعاقات نادراً ما
تكون لديهم الخبرة المناسبة في مجال الموهبة، ونادراً ما يكونوا قد تلقوا تدريباً
يتعلق بها وباكتشافها، وبالتالي قد يتجاهلونها تماماً.