تــــــــاريــــــــخ التـــــــــــوحــــــــــد
تــــــــاريــــــــخ التـــــــــــوحــــــــــد
التوحد هو أحد الاضطرابات النمائية المعقدة التي تصيب الأطفال وتعيق تواصلهم الاجتماعي واللفظي وغير اللفظي
كما تعيق نشاطهم التخيلي وتفاعلاتهم الاجتماعية المتبادلة ويظهر هذا الاضطراب خلال
الثلاث السنوات الأولى من عمر الطفل وتكون أعراضه واضحة تماماً في الثلاثين شهراً
من عمر الطفل الذي يبدأ في تطوير سلوكيات شاذة وأنماط متكررة والانطواء على الذات
.
(مجلة المنال ع 193
ابريل 2005م السنة 18 ،20 )
وحتى نفهم خلفيات هذا
الاضطراب فلنعرج سريعاً على تاريخ هذا الاضطراب لأن معرفة التاريخ التطوري لاضطراب
التوحد يعطينا فهماً أكثر شمولية لبداية ظهور الاضطراب واكتشافه والمراحل التي مر
بها وخصائص كل مرحلة وكذلك ما توصلت إليه البحوث والدراسات في محاولاتها للإلمام
بكافة جوانب هذا الاضطراب .
(ماجد السيد علي
عمارة، 19،2005).
إن مصطلح التوحد هو
ترجمة للكلمة الإغريقية (autos) أي الذات الأنا التي تشير إلى الانطواء
والتوحد مع الذات وقد استعمل العالم (بلولير ايغون ) وهو عالم وطبيب سويسري ولد في
زيورخ 1857-1939م - مفهوم السلوك التوحدي لأول مرة عام 1911م كدالة على الانفصام
الشخصي (لطيف ماجد الحبيب،1426هـ،15)
بالرغم من الاختلافات
الشديدة بين الاضطرابيين ( وفاء الشامي ،1424هـ،26).
إيتارد وطفل افيرون المتوحش
وردت قصص كثيرة في
الآداب القديمة عن أفراد كان يبدو أنهم توحد يون وبالرغم من عدم ثبوت تشخيص حالة أولئك
الأشخاص بالتوحد آنذاك إلا أنه عند مقارنة أعراض التوحد مع وصف حالات الأفراد في
بعض القصص الأدبية القديمة نرى أنها تتطابق إلى حد بعيد ، أن أهم الروايات الموثقة
ما ورد عن الطبيب الفرنسي (جون مارك جاسبار إيتارد 1775- 1838)الذي عمل جراحاً في
الجيش الفرنسي ثم تخصص في أمراض الأذن وتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة كتب
ايتارد عن طفل يدعى فيكتور عرف باسم طفل أفيرون المتوحش .
قصة فيكتور
تخلت عائلة فيكتور
عنه وهو صغير وعاش وحيداً لسنوات عديدة في الغابات الفرنسية دون أن يرعاه أحد ودون
مأوى أو ملبس تمكن هذا الولد المسكين من العيش وحيداً ومن الحصول على طعامه مما
كان يجده في بيئته الأحراش والمدهش في الأمر تمكنه من البقاء حياً في أقصى فصول
الشتاء برودة أما كيف تمكن من العيش في ظل تلك الظروف الباردة فأمر يظل مبهماً حتى
الآن عثر على فيكتور عندما بلغ 12 عاماً وأحضر إلى بيئته الحياة المدنية في فرنسا
لم يكن آنذاك ينطق بكلمة واحدة وكان سلوكه غريباً لا يفهمه أحد وكان من الواضح
بالطبع أنه لم يكن قادراً على التفاعل اجتماعياً مع المحيطين به علاوة على أنه بدا
وكأنه يعاني من إعاقة ذهنية .
تعليم فيكتور
تردد ايتارد في تعلم
فيكتور فسخر منه زملاؤه لأن التعليم الخاص في أوروبا في ذلك الحين كان أمراً
نادراً جداً وغير مقبول كانت اللمارسة الشائعة في التعامل مع ذوي الاحتياجات
الخاصة وضعهم في مصحات أو مستشفيات إلى أن ينتهي الأمر بهم أخذ ايتارد فيكتور
لمنزله الخاص وعلمه بطريقة مبسطة يفهمها وبعد خمس سنوات تمكن فيكتور من تعلم بعض الإشارات
والكلمات التي استطاع بواسطتها التعبير عن بعض احتياجاته وتعلم قليلاً من المهارات
العملية ومهارات الاعتماد على النفس مثل استخدام الشوكة والسكين في الأكل كما
تحسنت مهاراته الاجتماعية إلى حد ما ولكن على الرغم من ذلك لم يحقق د ايتارد
النجاح الذي يصبو إليه فقد ظل فيكتور يواجه صعوبة شديدة في التكيف الاجتماعي ولم
يتمكن من الاستقلال بذاته تماماً أو من الكلام بطلاقة هذا إلى جانب أنه عجز عن نقل
المعرفة أو الخبرة التي تعلمها في موقف ما وتطبيقها في موقف آخر ولكن بالرغم من
التقدم المحدود الذي حققه فيكتور كان ايتارد من أوائل من استخدم طرق تعليم غير
تقليدية لتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مما دعا الكثيرين لاعتباره الأب
الروحي للتعليم الخاص في أوروبا .
هل كان فيكتور يعاني من التوحد ؟
تتطابق أوصاف فيكتور
مع ما نعرفه اليوم بالتوحد فقد كان يعاني من 1- صعوبة شديدة في التواصل الاجتماعي
مع الآخرين 2- تأخراً في اللغة 3- صعوبة في نقل وتطبيق ما يتعلمه من موقف إلى آخر
4- كان يفضل البقاء بمفرده 5- كما أنه كان يظهر سلوكيات أخرى غريبة وصعبة 6- إضافة
إلى ردود فعل حسية مختلفة مثل قدرته على تحمل البرودة الشديدة ، مما ذكرنا يمكننا
أن نستنتج أن اضطراب التوحد وجد قبل وقت طويل من التعرف عليه بشكله العملي بل ربما
كان موجوداً على مر الزمان إلا أن أول من استخدم تعبير توحد طفولتي هو الطبيب
النفسي السويسري بلولر (1916-1951م).
د- ليوكانر في سطور
*أول من عرف التوحد
كمتلازمة سلوكية .
* طبيب أطفال نفسي أمريكي
الجنسية عمل في جامعة جون هوبكتر ببالتيمور في ولاية ماريلاند .
*في عام 1943م نشر
كانر دراسة وصف فيها 11طفلاً اشتركوا في سلوكيات لا تتشابه مع أي اضطرابات أخرى
اقترح تسميتها باسم توحد طفولي (autisminfantile).
(وفاء الشامي، 1424،
26).
*في عام 1956م قام
بحصر التوحد في صورتين أساسيتين هنا الوحدة المفرطة والرتابة ويقصد بالوحدة
المفرطة العيش بخياله وتصوره فتفاعله مع نفسه واللعب معها بدون اندماج مع الغير من
أقرانه من الأطفال كما أن الطفل في بداية العاميين الأوليين يميل إلى الرتابة
والتي تتسم بالروتين والنمطية في سلوكه . (د- طلعت الوزنة ،
1424، 16)
*استمر كانر في
ملاحظة الأطفال التو حديين واستنبط تسع نقاط يشترك فيها الأطفال سنتناولها بمبحث
أصناف التوحد أو أشكاله .
* عام 1971م صدرت له نشره بعنوان التوحد والفصام في مراحل الطفولة وهي النشرة الأولى للتوحد واشتملت
على جميع أبحاثه المطولة وتعرف الآن باسم (نشرة التوحد والاضطرابات النمائية
)ويرأسها د غاري ميسبوف .
* تابع كانر حالة 96 طفلاً مصابين بالتوحد فوجد 11طفلاً حققوا تطوراً ملحوظاً في مراحل نموهم المتقدمة
حيث تمكنوا من العمل والاختلاط النسبي في محيطهم الاجتماعي على الرغم من خصائص
التوحد لديهم ، أما البقية فقد تباينت نسبة تقدمهم من حيث مقدرتهم على الاعتماد
على النفس .
د- هانز اسبر جر في سطور
* طبيب نمساوي (1906-1980) تناولت دراسته أربعة أطفال تراوحت أعمارهم بين 6 سنوات و11 سنة.
*نشرت دراسته عام 1944م باللغة الألمانية أن الأطفال الذين راقبهم يتصفون بسبع صفات متشابه لما
اكتشفه كانر وبالرغم من عدم معرفتهما ببعض إلا أن اسبر جر أطلق على الأطفال أسماً
جديداً هو التوحد الطفو لي .
* اختلفت الحالات التي تناولها اسبر جر عن حالات كانر في 3 جوانب أساسية هي الذكاء واللغة والحركة .
في عام 1981م نشرت د- لورنا وينج دراسة وصفت 19 حالة تراوحت
أعمارها بين 5سنوات و35سنة تطابقت سماتها مع الحالات التي وصفها اسبر جر .