تقييم وتشخيص التوحد-1
-
يعد "التوحد" Autism من أكثر الاضطرابات النمائية صعوبة بالنسبة
للطفل نفسه، ولوالديه، ولأفراد الأسرة الذين يعيشون معه، ويعود ذلك إلى أن هذا
الاضطراب يتميز بالغموض وبغرابة أنماط السلوك المصاحبة له، وبتداخل بعض مظاهره
السلوكية مع بعض أعراض إعاقات واضطرابات أخرى ؛ فضلا عن أن هذا الاضطراب يحتاج إلى
إشراف ومتابعة مستمرة من الوالدين. -
وتعود كلمة "التوحد" إلى أصل إغريقي هي كلمة " أوتوس" Autos
وتعني الذات، وتعبر في مجملها عن حال من
الاضطراب النمائي الذي يصيب الأطفال. كما تم التعرف على هذا المفهوم قديما
في مجتمعات مختلفة مثل روسيا و الهند، في أوقات مختلفة ولكن بداية تشخيصه الدقيق
إن صح هذا التعبير لم تتم إلا على يد" ليو كانر" Leo Kanner, 1943
حيث يعد أول من أشار إلى " التوحد" كاضطراب يحدث في الطفولة وأطلق عليه
لفظ Autism وقصد به التقوقع على الذات.
-
ومما يجدر ذكره أن هناك تعريفات للتوحد يصعب على المرء حصرها، ويتبين لمن يستعرض هذه
التعريفات أن تعريف المفهوم من الصعوبة بمكان ، وأن صعوبة تحديده تلقي بظلالها
الكثيفة على تشخيصه و تقويمه (من بين هذه التعريفات على سبيل المثال لا الحصر: عبد
المنعم الحفني (1978)؛ ريتفو وفريمان(1978)؛ عادل الأشول (1987) ؛ جابر وكفافي (1988)
؛ الشخص والدماطي (1992)؛ كريستين مايلز (1994)؛ القريوتي والسرطاوي والصمادي(1995)؛
إسماعيل بدر (1997)؛ عبد الرحمن سليمان(1999)؛ أميرة بخش(2000)؛ أحمد الزعبي(2000)
؛ عبد الرحمن سليمان (2001)؛ كمال سيسالم( 2002)؛ عبد الله الصبي (2003)، وفاء
الشامي (2004)؛ ماجد عمارة( 2005).
-
وبوجه عام، يمكن لمن يمعن النظر في هذه التعريفات أن يخرج بنتيجة مفادها أنه يجب ألا
يطلق على الأطفال الذين يتجنبون التواصل مع الآخرين فقط نتيجة خوفهم منهم، لكنه
يمكن أن يصيب الطفل العادي من أي مستوى من مستويات الذكاء، سواء من أصحاب الذكاء
المرتفع، أم كان متخلفا عقليا أم كان من متوسطي الذكاء.
-
وأيضا يمكن من خلال التعريفات السابقة، وإضافة إلى التطورات
التي طرأت على هذا المفهوم، النظر إليه على أنه من الاضطرابات التي تلحق بعملية
النمو، سواء في سرعتها خلال سنوات النمو ، لاسيما في الطفولة المبكرة، وعليه يمكن
تعريف الطفل التوحدي بأنه "ذلك الطفل الذي يعاني من اضطراب في النمو قبل سن
الثالثة من العمر، بحيث يظهر على شكل انشغال دائم وزائد بذاته أكثر من الانشغال
بمن حوله، واستغراق في التفكير ، مع ضعف في الانتباه، وضعف في التواصل ، كما يتميز بنشاط حركي زائد،
ونمو لغوي بطيء ، وتكون استجابة الطفل ضعيفة للمثيرات الحسية الخارجية، ويقاوم
التغيير في بيئته، مما يجعله أكثر حاجة للاعتماد على غيره ، والتعلق بهم".
ويمكن من خلال هذا التعريف، وعلاوة على التعريفات السابقة القول بأنها تركز على
العديد من المظاهر السلوكية التي ينفرد بها الأطفال التوحديين، وتتوافر في كافة
الكتابات التي تناولت تعريفهم وتشخيصهم وهذه المظاهر السلوكية هي:
-
(1) أنه اضطراب يظهر في سن الثالثة من عمر الطفل.
-
(2) أنه اضطراب يتميز
بمظاهر نمائية تميزه عن غيره من قبيل: الانشغال الزائد بالذات، وقلة الاهتمام
بالآخرين، وضعف الاستجابة للمثيرات الحسية من حوله، وأنه روتيني في أدائه للأعمال
و يقاوم التغيير بشدة، ويؤثر العزلة، وأنشطته محدودة جداً، وأنه في احتياج إلى
الاعتماد على الآخرين و التعلق بهم، وأن نشاطه الحركي قد يكون زائدا عن المعتاد و
يتميز بأنه نشاط غير هادف. -
(3) أنه اضطراب ينظر إليه في الوقت الحاضر على أنه ينقسم إلى خمسة أنواع فرعية هي ما يسميه بعض الباحثين طيف
التوحد:أ- الاضطراب التوحدي التقليدي (أي كما أشار إليه ليوكانر"Classic Autistic Disorder
ب- اضطراب ريت Rhett's Disorder
اضطراب اسبيرجر Asperser's
sorder
اضطراب التحطم الطفولى ( أو تفكك الشخصية وعدم تكاملها في مرحلة الطفولة). Childhood
Disintegrative Disorder
ج- اضطراب نمائي عام غير محدد Pervasive
Developmental Disorder Not Otherwise Specified
( PDD-NOS)
ويهمنا الآن الحديث عن تشخيص التوحد أولاً بشكل
يغلب عليه العمومية، ثم الحديث عنه بشيء يغلب عليه التفصيل