شروط الاختبار
شروط الاختبار الجيد
شروط الاختبار الجيد :
يقصد بالشروط البديهية للاختبار النفسي تلك الشروط الكافية لتحديد الاختبار بالإضافة إلى أكثر عمومية من غيرها بمعنى أن توافرها أمر ضروري ولازم لاستخدام أداة الملاحظة في أي عرض. ولكن إذا انتقصت الأداء من أحد شروطها فقدت هذه الأداة مبرر استخداماتها كوسيلة ضرورية لجمع البيانات وكطريقة عملية. وتتضمن الشروط البديهية أو العامة : الشمول، والتقنين ، والموضوعية وسوف نتحدث عنها فيما يلى :
1- الشمول :
من أشهر العبارات التي وردت في تعريف انستازى للاختبار النفسي أن الاختبار " عينة سلوك " ، وفي هذا يمكن أن نقول أن الاختبارات قد تكون بالفعل عينات سلوك ، وهي في هذا تتشابه مع الاختبارات التي تستخدم في العلوم الأخرى ، ولكن بشرط أن تتم هذه الملاحظات على عينة صغيرة جيدة الانتقاء من سلوك الفرد. وبالتالي فإن المتخصص في ميدان علم النفس يحذو حذو المتخصصين في علم الكيمياء على سبيل المثال حين يختبر دم المريض أو ماء الشرب فيقوم بتحليل عينة أو أكثر منه.
فإذا أراد الأخصائي أن يختبر المحصول اللفظي للطفل ، أو قدرة موظف الحسابات على أداء مجموعة من العمليات الحسابية ، أو مدى التآزر بين العين واليد عند الطيار. فإنه يفحص أداء هؤلاء في عينة ممثلة من الكلمات أو العمليات الحسابية أو الأعمال الحركية. بينما مسألة شمول الاختبار للسلوك موضوع الاختبار أو عدم شموله فتتوقف على وحدات العينة وطبيعتها. فعلى سبيل المثال الاختبار الذى يتكون من خمسة مسائل فقط ، أو مجموعة من أسئلة الضرب فقط يعد مقياساً غير جيد للمهارة العددية. واختبار المفردات اللغوية الذى يتضمن إلا مصطلحات الألعاب الرياضية لا يعطينا تقديراً دقيقاً يعول عليه للمحصول اللغوي للطفل.
ويتضح لنا أن الأمر لا يحتاج إلى وجود التشابه التام بين أسئلة الاختبار والسلوك الذى تسعى إلى التنبؤ به أو تشخيصه. وإنما الضروري هو البرهنة على وجود تطابق تجريب بينهما. ولذلك تتفاوت درجة التشابه بين عينة الاختبار وميدان السلوك الذى تنمى إليه. فعلى سبيل المثال في الأحوال المتطرفة قد يتطابق الاختبار تطابقاً تاماً مع السلوك الذى يتنبأ به أو يشخصه. ومن ذلك اختبارات التحصيل المدرسى أو الكفاءة المهنية. وتوجد درجة أقل من التشابه تتمثل في كثير من اختبارات الاستعدادات المهنية. وفي الطرف الآخر نجد الاختبارات التي لا ترتبط ارتباطاً مباشراً بميدان السلوك ومنها الاختبارات الإسقاطية. وبالرغم من هذه الاختلافات السطحية فإن جميع الاختبارات تتألف من عينات من السلوك. ومن الواجب إثبات جدواها بالبرهان التجريبي على وجود تطابق بين أداء المفحوص في الاختبار وغير ذلك من المواقف.
إلا أن الاختبار قد لا يكون بالضرورة عينة سلوك في جميع الحالات. فنجد في ميدان الاختبارات التحصيلية يزداد الاهتمام في السنوات الأخيرة بما يسمى الاختبارات المنسوبة إلى المحك Criterion-referenced tests وتقوم في جوهرها على مسلمة ملاحظة كل أو جميع السلوك وليس عينة منه وخاصة حين يكون موضوع الملاحظة وحدة متكاملة في وحدات التعلم المدرسى ، وفي هذه الحالة يعد الاختبار التحصيلى بحيث يشمل " جميع " ما تم تدريسه في هذه الوحدة من محتوى وأهداف وليس عينة منهما. وفي ضوء نتائج الاختبارات المنسوبة إلى المحك يمكن تشخيص صعوبات التعلم والتأكد من مدى الجودة والإتقان ، وكذلك يمكن اقتراح الطرق العلاجية المناسبة لتحقيق أهداف التعلم التي يمكن أن يحرزها أكثر من 90% من التلاميذ ، وفي هذه الحالة يصبح التقويم التربوى من النوع الذى يطلق عليه بلوم وزملاؤه التقويم التكوينى Formative وليس التقويم التجميعى Summative.
2- التقنين :
ونقصد به ضرورة التعبير الصريح عن قواعد القياس النفسي والعقلى. وهذا ما يتضمنه مفهوم التقنين Standardization فعندما نقول أن هذا المقياس "مقنن" فإن ذلك يعنى في جوهره أنه لو استخدمه أفراد مختلفون يحصلون على نتائج متماثلة. ويتطلب ذلك توحيد إجراءات تطبيق الاختبار وتصحيحه ، فإذا كانت الدرجات التي يحصل عليها الأفراد المختلفون قابلة للمقارنة فإن شروط الاختبار وظروف إعطائه يجب أن تكون موحدة للجميع. وهذا الشرط ما هو إلا تطبيق خاص للحاجة إلى الشروط والظروف المضبوطة في جميع الملاحظات العلمية. ومثل هذا التقنين يجب أن يشمل المواد المستخدمة وحدود الزمن والتعليمات الشفوية والتحريرية التي تعطى للمفحوصين والأمثلة التوضيحية ، وأيضاً طرق تناول أسئلة المفحوصين واستفساراتهم ، وكل ظرف أو حالة لا ترتبط بما يتناوله الاختبار ويمكن أن يؤثر في أداء المفحوصين في الاختبار كلما كان ذلك ممكناً.
ويوفر تقنين قواعد القياس للباحثين في علم النفس ظرفاً ملائماً لسهولة الاتصال ، لأن من أهم خصائص العلم وجود نوع من الاتصال الجيد بين العلماء بحيث يستطيع الباحث أن يقارن بين نتائجه ونتائج زملائه الذين يتناولون نفس المشكلات بالدراسة. فعلى سبيل المثال إذا افترضنا أن أحد الباحثين أجرى تجربة على آثار مواقف التوتر على استجابات القلق وسجل نتائجه في عبارة مثل أن التوتر يؤدى إلى ظهور القلق عند الأطفال فإن مثل هذه النتيجة لا تفيد في الاتصال الجيد ذلك لأن الباحثين الآخرين قد يختلفون حول ما يقصده " بظهور القلق " بل قد يصعب عليهم تكرار نفس التجربة للتحقق من صحة الفرض. ويمكن تحقيق نوع من الاتصال الجيد لو استطاع الباحث أن يلاحظ القلق باختبار " مقنن " أي محدد قواعده وشروط تطبيقه.
3- الموضوعية :
يقصد بالموضوعية في الاختبارات النفسية أن تكون عمليات تطبيق الاختبار وتصحيح وتفسير درجاته مستقلة عن الحكم الشخصي للفاحص وبذلك تصبح البيانات التي نحصل عليها من الاختبار مستقلة عن "ذاتية" الفاحص سواء من حيث طرق الحصول عليها أو تقويمها أو تفسيرها ، وبالتالي يمكن أن نعرف الموضوعي بأنه "ما ليس ذاتياً"، والواقع أن التعريف الإيجابي للموضوعية هو "اتفاق الملاحظات والأحكام اتفاقاً مستقلاً" ويمكن تحديدها بحساب معامل الارتباط بين عدد من الفاحصين في ملاحظتهم أو حكمهم أو تقويمهم لنفس المفحوصين.