المجهود الموزع
الاسترجاع:
يهيئ استرجاع المادة المتعلمة على فترات أثناء تعلمها وبعد تعلمها فرصة اكبر لتثبيتها وحفظها .ولا نقصد بالاسترجاع مجرد التسميع وانما نعني به استعادة المادة بما تتضمنه من معان وعلاقات .
إن التعلم الحقيقي يتطلب تطبيق المادة المتعلمة واستخدامها في الأغراض التعليمية المختلفة . فقواعد الحساب يتحسن تعلمها عن طريق التمرينات التي تستخدم في التدريب عليها. وعندما نعطي الطالب قاعدة معينة في طرح الكسور مثلا واختصارها أو في القسمة، فان مجرد حفظ القاعدة لا يؤدي إلى بقائها ولا يؤدي في المستقبل إلى الاستفادة منها في المواقف التي تتطلبها.وانما الذي يساعد على حفظها وبقائها وسهولة استخدامها في المستقبل هو تطبيقها في حل عدد من المسائل والتمرينات. وكلما تنوعت هذه المسائل والتمرينات وتنوعت الطرق التي تستخدم في حلها كلما ساعد هذا على تدعيم تعلمها .
يقصد بالمجهود الموزع في التعلم، أن يكون
التدريب أثناء التعلم على فترات بينها فترات راحة، وهذا المعنى عكس المجهود
المتواصل الذي يعني أن يستمر المتعلم في بذل مجهود متواصل أثناء تعلمه .
فالتلميذ أثناء استذكاره لموضوع ما في التاريخ مثلا أو العلوم أو الرياضيات أو
غيرها، قد يضع لنفسه جدولا زمنيا للاستذكار، فيبدأ في استذكار جزء من الموضوع ثم
يعطي نفسه فترة راحة ثم يعود لاستذكار جزء آخر من نفس الموضوع أو من موضوع آخر .
وليس هناك في الواقع حد فاصل لتوزيع الجهود أثناء التعلم، وليست هناك قاعدة عامة
تنطبق على مواقف التعلم المختلفة، فبينما نجد التلميذ في موقف ما من مواقف التعلم
يفضل توزيع جهوده، نجده في موقف آخر يفضل أن يستمر في العمل حتى ينتهي منه. ويتوقف
ذلك على عدد من العوامل منها :
ـ نوع المادة ودرجة صعوبتها : فهناك مواد تستنفذ
جهود الفرد بسرعة، ومن ثم يجد من الضروري أن يجزئ جهوده أثناء تعلمها. وهناك مواد
يجد الفرد السهولة في تعلمها ولا تحتاج إلى عناء كثير ويستمر في معالجتها حتى
ينتهي منها. فالتمرينات الرياضية الصعبة التي يبذل الفرد مجهودا مضاعفا في
حلها يشعر الفرد بعد الانتهاء من كل تمرين بأنه في حاجة إلى الراحة أو عندما يصعب
عليه حل تمرين قد يجد من الأنسب أن يتركه مدة ثم يعود إليه .
ـ ميل الفرد للموضوع الذي يتعلمه : لا يقبل التلميذ عادة على المواد التي يتعلمها
بدرجة واحدة. فهناك مواد يميل إليها ومن ثم يقبل على تعلمها برغبة ويجد راحة في
استذكارها بل أحيانا يعتبر الوقت الذي ينفقه في تعلمها نوعا من الترفيه الممتع،
وهناك مواد لا يميل إليها ويجبر النفس على تعلمها ،فالمواد التي يميل إليها الفرد
يمكن أن يستمر فيها ساعات عديدة دون أن يشعر بالملل أو التعب ، بينما يحتاج النوع
الثاني من المواد عادة إلى فترات من الراحة أثناء تعلمه .
ـ حالة الفرد وظروفه أثناء تعلمه : الظروف التي يتعلم فيها الفرد لها تأثيرها على
تعلمه. طريقة الاستذكار مثلا وهل يعتمد الفرد على القراءة فقط أم يستخدم القلم
والورقة ، جلسته أثناء الاستذكار ، الإضاءة ، والضوضاء ..الخ . وكذلك حالة الفرد
النفسية، فالشخص المتوتر الذي يشعر بالضيق أو القلق لا يستطيع أن يستمر طويلا في
التعلم وإذا اضطر إلى التزام مكان معين أثناء التعلم أو الاستذكار شرد ذهنه ولم
يستفد من وقته. بعكس الفرد الذي لا يشعر بالقلق أو الاضطراب .
ـ قدرة الفرد على التركيز والانتباه : هناك فروق فودية بين الناس من حيث قدرتهم
على التركيز والانتباه لموضوع ما فترة من الزمن .وتختلف فترة الانتباه أيضا
باختلاف السن .فطفل السادسة أو السابعة لا يستطيع أن يركز انتباهه لفترة تزيد عن
الخمسة عشرة دقيقة. نلاحظ ذلك في لعبه عندما يجدد نوع نشاطه باستمرار ، فيلعب
بإحدى اللعب ثم يتركها ليذهب إلى أخرى ،وكذلك في تعلمه عندما يترك القلم بعد فترة
قصيرة من الكتابة .. بينما يستطيع المراهق أن ينتبه لموضوع ما فترة زمنية أطول .
وعلى أية حال فان المجهود الموزع يعطي فرصا اكثر لتنظيم المادة واستيعابها، ويساعد
أيضا على منع أسباب التعب والإجهاد والتشتت وكلها عوامل تعوق عملية التعلم