قياس الاكتئاب النفسي وعلاقته ببعض المتغيرات
(قياس الاكتئاب النفسي وعلاقته ببعض المتغيرات لدى ابناء الجاليه العربيه المقيمين في الدنمارك)
ملخص البحث:
يعد الاكتئاب النفسي من أمراض العصر التي تصيب الإنسان والشخص الذي يعاني من مشاكل الاكتئاب يصبح أسيراً لمشاعر نفسية يكون من الصعب عليه التأقلم والانخراط في المجتمع الذي يقيم فيه وربما تجعله فردا ضارا لأسرته والمجتمع.
وقد أشارت الدراسات والبحوث التي أجريت على عينة من الناس الذين يعانون من الاكتئاب النفسي إلى أن الاكتئاب من الاضطرابات النفسية الآخذة بالانتشار بشكل كبير بين الأفراد, وعلى الرغم مما يشكله الاكتئاب من مخاطر على الصحة النفسية للأفراد فانه قد يكون بدرجات متفاوتة, ومن هنا تبرز أهمية إيجاد مقياس لقياس درجة الاكتئاب لدى المغتربين العرب في الدول الأوربية بشكل عام وفي الدنمارك بشكل خاص، لأن خطر الإصابة بالاكتئاب للأفراد وهم في بلاد المهجر اكبر من خطره لو كانوا في أوطانهم التي قدموا منها, ذلك لما يلاقيه هؤلاء الأفراد من تقاليد جديدة وعادات وأجواء وضغوطات وبيئة مغايرة لبيئتهم وهذه كلها عوامل تساعد على الإصابة بالاكتئاب. لذلك جاءت فكرة البحث الذي هدف إلى التعرف على مستوى الاكتئاب لدى أفراد الجالية العربية المقيمين في الدنمارك, وقياس الفروق المعنوية في مستوى الاكتئاب لديهم على وفق المتغيرات الآتية :
1. الجنس
2. العمر
3. التحصيل الدراسي
وقد تحددت الدراسة بالجالية العربية المقيمة في مملكة الدنمارك بصورة شرعية الذين حصلوا على الإقامة بعد ثلاث سنوات من تواجدهم في الدنمارك وفي حدود الفئة العمرية من (25-50) سنه خلال العام (2010) .
شملت الدراسة عينة عشوائية مؤلفة من ( 140 ) فردا من المقيمين العرب في الدنمارك موزعين على مختلف مناطق الدنمارك وضمت (77) ذكرا, و (63) أنثى ممن تراوحت أعمارهم بين (25-49) سنة.,,,,,,,
اعتمدت الدراسة مقياسا خاصا للاكتئاب تم إعداده لأغراض البحث, بعد أن تم التحقق من صدقه الظاهري( Face validity ) من خلال عرض فقراته على لجنة من الأساتذة المحكمين, فضلا عن التحقق من صدقه البنائي (Structure validity ) من خلال قياس علاقة درجات الفقرات بالدرجة الكلية وأظهرت النتائج إن المقياس يتمتع بالصدق إذ تراوحت معاملات الارتباط من( 0,177) إلى(0,607) وهي دالة إحصائية عند مستوى دلالة (0,01) و)0,05) .
كما تم التحقق من ثبات المقياس بطريقتين الأولى: استخدام التجزئة النصفية، إذ ظهر إن قيمة معامل الارتباط بين نصفي الاختبار باستخدام معادلة بيرسون ( Pearson Correlation Coefficient ) بلغت ( 0,83 ) وبعد تصحيح الناتج باستخدام معادلة سبيرمان براون ( Spearman Brown Coefficient ) بلغت قيمة معامل الثبات (0,90 ), أما الطريقة الأخرى للتحقق من ثبات الاختبار فهي استخدام معادلة الفا – كرونباخ وأظهرت النتائج إن قيمة معامل الثبات تبلغ ( 0,89 ) وهي قيم عالية تدل على ثبات عال .
وبعد تطبيق المقياس على عينة بلغ مجموع أفرادها ( 140 ) فردا منهم ( 77 ) ذكرا و ( 63 ) أنثى, تم تحليل ومعالجة البيانات باستخدام الأوساط الحسابية والانحراف المعياري ومعاملات الارتباط واختبار ( ت ) لعينة واحدة وعينتين مستقلتين وتحليل التباين الأحادي إذ تم استخدام الوسائل السابقة من خلال الحقيبة الإحصائية للعلوم الاجتماعية (SPSS) .
وقد أظهرت النتائج أن كلا من الذكور والإناث من أعضاء الجالية العربية المقيمين بالدنمارك الذين شملتهم الدراسة يعانون من الاكتئاب فظهر أن قيمة الوسط الحسابي لعينة الذكور(57,9 ) بانحراف معياري مقداره ( 17, 26 ) بينما كان الوسط الحسابي لعينة الإناث (75,38) بانحراف معياري مقداره ( 26,81 ) وكان الوسط الحسابي للعينة ككل ( 65,75 ) بانحراف معياري مقداره ( 23,65) وقد تم التحقق من معنوية الأوساط الحسابية باستخدام اختبار ( t.test ) لعينة واحدة وأظهرت النتائج دلالة تلك الأوساط جميعا، وللتحقق من معنوية الفروق بين درجات الذكور والإناث عن مقياس الاكتئاب فقد اعتمدت الدراسة اختبار ( t.test ) لعينتين مستقلتين وأظهرت النتائج معنوية الفروق لصالح الإناث مما يدل على أن الإناث يعانين الاكتئاب أكثر من الذكور.
وللتحقق من علاقة مستوى الاكتئاب بمتغيرات العمر والتحصيل الدراسي اعتمدت الدراسة قياس العلاقة باستخدام معامل ارتباط بيرسون ( Pearson ) وأظهرت النتائج أن مستوى العلاقة ضعيف وغير دال إحصائيا بمعنى أن أفراد العينة يعانون من الاكتئاب بنفس القدر بغض النظر عن أعمارهم على وفق التقسيم الذي شملته الدراسة وربما يعود ذلك إلى أن الفئات العمرية المحددة ليست بالمتباعدة كثيرا, وكذلك بالنسبة لمتغير التحصيل الدراسي اذ ظهر أن العلاقة ضعيفة وغير دالة إحصائيا وربما يعود ذلك إلى أن غالبية المقيمين لا يمارسون الأعمال التي تؤهلهم لها مستوياتهم الدراسية.
توصلت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات منها :
1. ضرورة العمل على الاكتشاف المبكر على عارض الاكتئاب النفسي وذلك لأن الإهمال في هذا الجانب قد يؤدي في الحالات المتأخرة إلى الانتحار.
2. العمل على تواجد المقيمين في أماكن تساعدهم على التقليل من عامل الغربة والإحساس بالتواصل مع البلد الأم وذلك من خلال التجمعات والمراكز الاجتماعية لهؤلاء من اجل التواصل وعدم عزلهم عن البلد الأم.
3. الاهتمام بالدعم النفسي والتشجيع على الانخراط في المجتمع الدنماركي من خلال إبراز الجانب الايجابي للمقيم على أهليته للعمل وأنهم ليسوا اقل مستوى من غيرهم في مجالات العمل المختلفة.
واقترحت الدراسه إجراء العديد من الدراسات المستقبلية على عينات أخرى من حيث المرحلة العمرية أو من حيث الإقامة في دول أخرى وكذلك قياس علاقة متغيرات أخرى لم تتناولها الدراسة الحالية مثل مدة الإقامة والابتعاد عن الوطن الأصلي وطبيعة العمل والمهنة ومدى إتقان لغة بلد الإقامة وطبيعة العمل والمهنة ومدى توافقهما مع المؤهل الدراسي .