النظريات المفسرة للتهتهة -2
1- نظرية القدرات والمتطلبات Capacities and Demands
يعتقد أصحاب هذه النظرية في أن أي ضغط تطوري أو بيئي قد يكون مثيراً لإيجاد التهتهة ، كما ترى أن التهتهة هي ناتج لوجود فرق بين مقدرة الطفل والمتطلبات البيئية للأداء الأكاديمي ؛ ومن المتطلبات البيئية لحياة الطفل :
أ- التطور السريع للغة الطفل ما بين سن الثالثة وسن السابعة .
ب- سرعة كلام الوالدين والتي يجد الطفل صعوبة في مواكبتها .
وتتأرجح هنا التهتهة لدى الطفل ما بين الوضوح التام لهذه التهتهة والاختفاء وذلك تبعاً لنمو قدرات الطفل (Starkweather & Givens-Ackerman, 1998) .
وفي ضوء العرض السابق للأسباب التي تؤدي إلى حدوث التهتهة في الكلام تجمل المؤلفة هذه الأسباب في ثلاث أسباب رئيسية كالتالي :
- أسباب عضوية : مثل خلل الجهاز العصبي المركزي واضطراب الأعصاب المتحكمة فـي الكلام ، وإصابة المراكز
الكلامية في المخ بتلف أو تورم أو التهاب أو نزيف ، وإصابة الجهاز الكلامي (الحنك واللسان
والأسنان والشفتين والفكين) بتلف أو تشوه ، وعيـوب الجهـاز السمعي ، والتكوين الجسمي
الضعيف أو إجبار الطفل الأيسر على الكتابة باليد
اليمنى ، وتأخر النمو بصفة عامة ، والضعف العقلي .
- أسباب بيئية : مثل تعدد اللهجات أو اللغات في وقت واحد ، خصوصا في الطفولة المبكرة ، والكسل والاعتماد الزائد على الآخرين ، وكثرة المشاكل الأسرية ، وقلق الوالدين بخصوص الكلام والرعاية الزائدة ، والتدليل أو التسلط والمستوى الفقير في الكلام في المنزل ، وتقليد الكلام المضطرب ، وسوء التوافق المدرسي والاجتماعي .
- أسباب نفسية : مثل التوتر العصبي والقلق ، والخوف المكبوت ، والصدمات الانفعالية ، وضعف الثقة بالنفس ، والعدوان المكبوت ، والحرمان العاطفي ، والضغط النفسي ، والإحراج .
وتتفق المؤلفة مع وجهة النظر القائلة أن معظم أسباب التهتهة قد ترجع إلى جذور وأصول نفسية ، كالقلق وانعدام الأمن وغيرها من تأثيرات وضغوط نفسية في مرحلة الطفولة المبكـرة وأن الأسباب الرئيسية في تكوين هذه الجذور والأصول النفسية تعود إلى بعض العوامل البيئية مثل إفراط الأبوين ومغالاتهما في رعاية الطفل وتدليله وزيادة المحاباة والإيثار على بعض الإخوة ، فقدان الثقة في النفس ، والافتقار إلى العطف والرعاية ، كذلك الشعور بالتعاسة والشقاء العائلي ، وتعارض التيارات وتنازع الأهواء في الأسرة ، هذه العوامل قد تؤدى إلى نشوب صراعات انفعالية وإلى الإحساس بعدم الأمن النفسي ثم لا يلبث هذا النوع من الاضطرابات الانفعالية أن يستفحل أمره حتى يصبح بالتدريج هو الجانب الغالب في تكوين الناحية النفسية للطفل ؛ حيث يحدث نوع من التنفيس الانفعالي والتفريغ النفسي لشحنات التوتر لإحداث التوازن والتوافق والتخلص من مواطن النقص حيث يتاح عبرها التنفيس الانفعالي الذي يتركز في عضلات الجهاز الكلامي (عضلات النطق) ، وبالتالي تظهر التهتهة .
كما تؤيد الرأي السائد أنه بالرغم من تعدد النظريات التي حاولت تفسير أسباب
حدوث التهتهة في الكلام ، إلا أنه يمكن القول أن ظاهرة التهتهة في الكلام تحدث
نتيجة عوامل متداخلة ومتشابكة هذه العوامل هي عوامل عضوية ونفسية
واجتماعية وهى تمثل وحدة
دينامية وتعد المسئولة عن حدوث التهتهة وليس عامل
بمفرده ؛ هذا إلا أن البعد النفسي (العامل النفسي) سيظل هو الأساس الذي تتأثر به
كافة العوامل وتؤثر فيه أيضاً بعد ذلك . بمعنى أن هناك كثيراً من الأفراد يتوفر
لديهم من الاستعداد الطبيعي (الجبلي) ما قد يسبب التهتهة
، غير أنهم لا يعانون
من التهتهة نظراً لغياب العوامل الأخرى المهيأة
وتلك العوامل هي هذه
العوامل النفسية.
وبتفاعل عوامل الاستعداد النفسي مع تأثيرات البيئة تظهر السلوكيات الرئيسية (الأعراض الأساسية للتهتهة) ، فيستجيب الطفل لهذه السلوكيات بالشد والضغط النفسي كوسيلة لمنعها من الظهور ، وبمرور الوقت تزداد محاولاته للتغلب على هذه السلوكيات ، فيكتسب عدداً من السلوكيات الثانوية (الأعراض الثانوية) التي تعزز من خلال الاشتراط الإجرائي ، وخلال هذه الفترة تكون السلوكيات السابقة مصحوبة بمشاعر سلبية مثل الإحباط و الخجل والخوف ، ويمتد التعلم الشرطي إلى ارتباط هذه المشاعر والسلوكيات بكلمات معينه سرعان ما تزداد تدريجياً لتشمل مواقف بأكملها تثير الخوف من الكلام ، وتزداد هذه المواقف مع تقادم الاضطراب ويبدأ التلميذ بتجنب هذه الكلمات والمواقف ، وخلال هذه الفترة يبدأ التلميذ بتكوين تصور خاص عن كلامه وعما يتوقعه من المستمعين إلى أن يصل بتهتهته إلى المرحلة المتقدمة .