التحليل النفسي
نظريات الشخصية
اعداد د. منى توكل السيد
تباينت منظورات أصحاب الاتجاهات الفكرية ومدارس علم النفس حول الشخصية، وتعددت النظريات التي تناولتها. ومن تلك النظريات التي اهتمت بدراسة الشخصية مثل: نظرية التحليل النفسي، النظرية السلوكية، النظرية الإنسانية:
أولاً: نظرية التحليل النفسي للشخصية:
يعد سيجموند فرويد Sigmund Freud من أكثر العلماء قاطبة في القدرة على إلقاء الضوء على الشخصية الإنسانية؛ هذا بالإضافة إلىإنه أول من وضع اتجاه التفكير الحديث، حول مفهوم الشخصية ولذلك فإذا لم نتفهم الآراء الأساسية لفرويد، فأننا سنجد صعوبة في فهم وإدراك الاستنتاجات التالية في نظريته، ومن وجهة نظر أخري فإننا نجد أن مفاهيم فرويد وصياغاته مازالت واسعة الانتشار وفي عيادات الطب النفسي والتحليل النفسي، ومع أن هذه المفاهيم والصياغات الفرويدية ليست منزهة عن النقد، إلا إننا نجد العديد من العاملين بميدان التحليل النفسي يرونها على أنها أفضل ما صيغ حتى الآن لتحليل الشخصية الإنسانية (الأشول،١٩٨٨: 19)؛ وربما أصبحت فكرة فرويد عن أبنية الشخصية هي أوسع أساليب التفكير استخداما فيما يتصل بالأجزاء المتعددة لهذا النظام وليس مرجع ذلك أن كل من يستخدم هذه المصطلحات يتبنى وجهة نظر فرويد بكل تفاصيلها، وإنما مرجعه أن هذا النظام يتضمن على المكونات العامة للشخصية والتي يعرف الناس إنها هامة
بنية الشخصية:
يعرض فرويد مؤسس هذه النظرية أن الجهاز النفسي يتكون من الهو والانا والأنا الأعلى.
-
الهو: Id
يستهدف الهو تخليص الفرد من كميات الاستثارة أو الطاقة التي تنبع داخله نتيجة للتنبيه الداخلي والخارجي يستهدف تجنب الألم وتحقيق اللذة أو يلجأ الهو إلىالأفعال المنعكسة التي تخلصه على نحو إلىمن كل طاقة جسمية يستثيرها مثير ما يفعل فعله في عضو الحس والنتيجة العامة هي استعداد المثير، والهو هو المصدر الأولى للطاقة النفسية ومستقر الغرائز، وهو الصق بالجسم وبعملياته منه بالعالم الخارجي، وهو يحتاج إلىالتنظيم وطاقته غير مستقرة بحيث يتم التخلص منها أو تحويلها من موضوع إلىآخر والهو لا يتغير بمعنى الزمن ولا يفعل الخبرة أو التجربة لأنه لا يتصل بالعالم الخارجي ومع ذلك يمكن السيطرة عليه ولا تحكمه قوانين العمل أو المنطق ولا القيم الأخلاقية ولا يدفعه إلا تحصيل الإشباع للحاجات الغريزة وفقا لمبدأ اللذة (جابر، ١٩٨٦: 26).
-
الأنا: The Ego
فهو مركز الشعور والإدراك الحسي الخارجي والإدراك الحسي الداخلي والعمليات العقلية، وهو المشرف على جهازنا الحركي والإداري ويتكفل الأنا بالدفاع عن الشخصية، ويعمل على توافقها مع البيئة وإحداث التكامل وحل الصراع بين مطالب النمو ومطالب الأنا الأعلى والواقع، فالأنا له وجهان وجه يطل على الدوافع الفطرية والغريزية في الهو وأخر يطل على العالم الخارجي عن طريق الحواس ووظيفته هي التوفيق بين مطالب الهو والظروف الخارجية، وينظر إليه فرويد كمحرك منقذ للشخصية، وميل الأنا في ضوء مبدأ الواقع ويقوم من أجل حفظ وتحقيق قمة الذات والتوافق الاجتماعي ( زهران، ١٩٨٢: 64)
الأنا الأعلى: Super Ego
والتكوين الثالث في بناء الشخصية هو الأنا الأعلى وهى تعمل على بلوغ الكمال وليس الواقع أو اللذة، إنها تمثل النواحي الخلقية القيمة والمعيارية لدى الفرد وهى تنشأ كجزء من الأنا ينتقل نتيجة تمثل الطفل لمعايير والديه ولهذا يصبح قادرا على السيطرة على السلوك وجعله مطابقا لرغبات والديه وبذلك يحظى بموافقتهم ورضاهم ويتجنب اعتراضهم وسخطهم والطفل يظل متكلا على والديه فترة طويلة نسبيا، والانا الأعلى تتألف من جهازين فرعين هما:الأنا المثالية والضمير وتنشأ الأنا المثالية نتيجة لإثابة الوالدين وهى تؤدى بالفرد إلى تحديد الأهداف والمطامح التي تؤدى إلىالإحساس بتقدير الذات والفخر، والانا الأعلى تطلب من الفرد بلوغ الكمال بدلا من أن تطلب منه أن يقوم بأفضل ما يستطيع، وهى تعاقبه بقسوة سواء قام بالعمل السيئ أو حتى فكر فيه أي أن التفكير في التصرف أو الفعل والقيام به متساويان في نظر الأنا الأعلى ولعل هذا يفسر كيف أن من الناس من يتمسك بالفضيلة في حياته ومع ذلك يعانى من وخز الضمير(جابر، ١٩٨٦: 48)
ويرى فهمي (١٩٨٦: 40) أن الأنا الأعلى تتكون نتيجة لتقمص الطفل الصورة المثالية للأب ونتيجة لامتصاص أوامره ونواهيه وأوامر المجتمع والسلطة الخارجية وتحويلها إلىسلطة داخلية وكذلك الهو تحتوى على كل ما هو فطرى ومورث مخزن الغرائز الجامحة والرغبات الشريرة وهو لا يخضع لمبدأ الواقع أما بالنسبة للانا فالطفل سرعان ما يصطدم بالبيئة وبما تضعه من قيود وحواجز في سبيل إشباع رغباته الغريزية وفيها ينفصل جزء من الهو وينمو ليقوم بوظيفة جديدة هي وظيفته التوثيق بين البيئة وبين الكائن الحي، ذلك الجزء هو الأنا، ويخضع لمبدأ الواقع فينظم إشباع الرغبات الغريزية للكائن الحي بما يتفق مع مقتضيات الواقع فيسمح بإشباعها جنبا ويؤجل إشباعها جنبا أخر، فهو إذن يقوم بوظيفة الضبط والتنسيق.
الشعور واللاشعور وما قبل الشعور:
الشعور: Consciousness
كما حدده فرويد هو منطقه الوعي الكامل والاتصال بالعالم الخارجي، وهو الجزء السطحي فقط من الجهاز النفسي ويطلق(يونج) على الشعور(الفعل الواعي) الذي يتكون من المدركات والذكريات والمشاعر الداعية(زهران، ١٩٨٢: 113).
اللاشعور: Un Consciousness
حسب فرويد يكون معظم الجهاز النفسي وهو يحوى ما هو كامن ولكن ليس متاحا ومن الصعب استدعاؤه لان قوى الكبت تعارض ذلك فمادة اللاشعور قد مرت من قبل في الشعور ولما كانت غير منسجمة مع الشخصية فإنها تكبت وتحدث يونج عن اللاشعور الشخصي واللاشعور الجمعي فالأول يتكون من خبرات الفرد كانت شعورية وكبت ومن العقد ويستخدم في استكشافه اختبار تداعى الكلمات
ما قبل الشعور (القبشعور) Preconsciousness:
فهو يحتوى على ما هو كامن وليس في الشعور ولكنه متاح ويسهل استدعاؤه إلى الشعور مثل الذكريات. وهو أقرب جدا من الشعور منه إلى اللاشعور لأنه في نطاق سيطرتنا وتحكمنا، فالخبرات اللاشعورية يجب إن تصبح لفظية عند مستوى ما قبل الشعور قبل إن تصبح شعورية (عبد الرحمن، ١٩٩٨: 440)