تفسير المشكلات الس
أبرز الاتجاهات النظرية المفسرة للمشكلات السلوكية
إعداد
د. منى توكل السيد
تكمن أهمية تناول دراسة الاتجاهات النظرية (النظريات) المفسرة للمشكلات السلوكية وذلك بهدف فهم وتفسير وتقييم السلوك المشكل، وكذلك التنبؤ بتلك المشكلات المتوقع حدوثها وصولاً إلى ضبطها والعمل على تعديلها في نهاية المطاف، بالإضافة إلى أن دراسة الاتجاهات النظرية تعطى تصوراً واضحاً وإلماما شاملاً للأسباب التي تكمن وراء المشكلات السلوكية وطبيعة السلوك المشكل وصفات الأفراد والمضربين سلوكياً، وكذلك الطرق,الأساليب الناجحة المستخدمة في إرشاد وعلاج هؤلاء المشكلين .
أولاً: الاتجاه التحليلي وتفسيره للاضطرابات السلوكية
حاولت نظرية التحليل النفسي التي وضع فرويد أصوله ومبادئها، تفسير الانحرافات السلوكية من خلال خبرات الأطفال في الفترات المبكرة من الحياة في ظل مبادئ التحليل النفسي، حيث أن بعض الخبرات السابقة غير السارة تكبت في اللاشعور إلا أن هذه الخبرات المكبوتة تستمر في أداء دورها في توجيه السلوك، وتؤدى بالتالي إلي الاضطرابات السلوكية، ويفسر أنصار التحليل النفسي الإضرابات السلوكية في هذا الإطار .
أسباب المشكلات السلوكية ووجه النظر التحليلية:
ويرى فرويد أن منشأ الاضطراب السلوكي يكمن داخل الفرد نتيجة لاختلال قيام الفرد بوظائف نفسية عبر مسارين هما:
-
المسار الأول: تعليم غير ملائم في مرحلة الطفولة الأولى (الخمس سنوات الأولى) .
-
المسار الثاني: اختلال العلاقة المتوازنة بن منظمات النفس(الهو) و(الأنا) و)الأنا الأعلى) (الخطيب، 1998: 200)
ثانياً: الاتجاه السلوكي:
يطلق على النظرية السلوكية اسم المثير والاستجابة وتعرف كذلك باسم (نظرية التعلم)، والاهتمام الرئيسي للنظرية السلوكية هو السلوك: كيف يتعلم وكيف يتغير.
ويرى هذا الاتجاه أن الاضطراب السلوكي هو سلوك متعلم يتعلمه الفرد من البيئة التي يعيش فيها ، والفرد عندما يتعلم السلوكيات الخاطئة والشاذة إنما يتعلمها من محيطها الاجتماعي عن طريق التعزيز والنمذجة وتشكيل وتسلسل السلوكيات غير المناسبة، كما يرى هذا الاتجاه بأن المحور أو العزل أو الإطفاء أو النمذجة الايجابية وغيرها من أهم أساليب تعديل السلوك (العزة،2002: 43).
وقد توصل علماء الاتجاه السلوكي إلى تفسير مفاده أن الاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية ما هي إلا عادات تعلمها الإنسان ليقلل من درجة توتره ومن شدة الدافعية لديه، وبالتالي كون ارتباطات منعكسة شرطية لكن تلك الارتباطات الشرطية حدثت بشكل خاطئ وبشكل مرضى.
الفرضيات التي ترتكز عليها النظرية السلوكية
-
معظم سلوك الإنسان متعلم ومكتسب سواء كان السلوك سوياً أو مضطرب .
-
السلوك المضطرب المتعلم لا يختلف من حيث المبادئ عن السلوك العادي المتعلم إلا أن السلوك المضطرب غير متوافق .
-
السلوك المضطرب يتعلمه الفرد نتيجة للتعرض المتكرر للخبرات التي تؤدى إليه، وحدوث ارتباط شرطي بين تلك الخبرات وبين السلوك المضطرب .
-
جملة الأعراض النفسية تعتبر تجمعاً لعادات سلوكية خاطئة متعلمة
-
السلوك المتعلم يمكن تعديله .
-
يولد الفرد ولديه دوافع فسيولوجية أولية، وعن طريق التعلم يكتسب دوافع جديدة ثانوية اجتماعية تمثل أهم حاجاته النفسية وقد تكون تعلمها غير سوي يرتبط بأساليب غير توافقية في إشباعها ومن ثم يحتاج إلىتعلم جديدة أكثر توافقاً) زهران، 1998: 336)
ثالثاً: الاتجاه الفسيولوجي
ويرى كلاً من (Heward & Orlansky) أن الأطفال يولدون ولديهم الاستعداد البيولوجي، ومع أن هذا الاستعداد قد لا يكون سبب في اضطرابات السلوك إلا أنه قد يدفع الطفل إلى الإصابة بالاضطراب أو إلى المشاكل السلوكية، وهناك علاقة بين جسم الفرد وسلوكه لذلك من ينظر إلى العوامل البيولوجية على أنها وراء الاضطراب السلوكي والانفعالي ونادراً ما يكون بالا مكان إظهار العلاقة السببية بين العامل البيولوجي المحدد والاضطراب السلوكي والانفعالي (يحيى،2000 :64)
ويشير هذا الاتجاه البيوفسيولوجي إلى أن الاضطراب السلوكي هو نتاج ومحصلة لخلل في وظائف وأعضاء في جسم الإنسان، الأمر الذي ينتج عنه اضطراب في السلوك لديه، قد يكون نتاجاً لنقص أو زيادة في افرازات الغدد الصماء أو غيرها في جسم الإنسان، والحركة الزائدة قد تكون نتاج زيادة مادة الثيروكيسين في الدم على سبيل المثال لا الحصر ويضيف بني هذا الاتجاه مرتبط بعلم البيولوجيا التي ترى بأن الوراثة دور واضح في ظهور الاضطراب السلوكي، ويرى هذا الاتجاه بأن الكروموسمات والجينات (المورثات) تلعب دوراً في وجود الاضطراب السلوكي كما أن عمليات النمو والايض (التمثيل الغذائي) دور في ذلك
رابعا: الاتجاه البيئي:
يقوم هذا الاتجاه على مبدأ على المشكلات السلوكية التي تحدث للطفل لا تحدث من العدم أو من الطفل وحده، بل هي تحدث نتيجة التفاعل الذي يحدث بين الطفل والبيئة المحيطة به . وبالنسبة للبيئة المحيطة يقصد بها ذلك النتاج الكلى لجميع المؤثرات الاقتصادية، الجغرافية، الفكرية، السياسية، والتي تأثر في الفرد من الحمل إلى الممات (خوري،1996: 10)
ويقول البيئيون إن حدوث الاضطراب السلوكي والانفعالي، لدى الأفراد يعتمد على نوع البيئة التي ينمو بها، فالبيئة السليمة لا تؤدى إلى حدوث الاضطراب السلوكي لدى الطفل. والنظريات النفسية المختلفة ودراسة السلوك الإنساني وتطبيقاتها في تدريس الطفل المضطرب سلوكياً مبنية على أساس الفلسفة النظرية الفردية أن الطفل المطرب سلوكياً يحتاج، للإنسان والطبيعة والعالم، والاتجاه البيئي يميل لربط الفرد في البيئة في مفهوم واحد، فالفرد لا ينفصل عن بيئته وبالتالي فإن مشاكل الفرد تصبح شائعة لدي المجتمع ولا يتم التعامل مع المشاكل بشكل فردى وكنتيجة إذا كان هناك اضطراباً لدى المجتمع، فإن الفرد سيتأثر بالبيئة، والنظام البيئي يقدم لنا نموذجاً يقول: لقد أسأت لي، وأنا سوف أسيئ لك، هذا ويعرف هارنج وفليب المضطرب سلوكياً لأنه " الشخص الذي لديه مشاكل شديدة مع الأشخاص الأخرسين مثل الرفاق أو الآباء أو المدرسين(يحيى،2000 :53)