المنهج التجريبي
تابع مناهج البحث في التربية وعلم النفس
المنهج التجريبي
يعد المنهج التجريبي من أدق مناهج البحث التربوي؛ ذلك لأنه يعتمد على إجراء التجربة من أجل فحص فروض البحث، وبالتالي قبولها أو رفضها في تحديد علاقة بين متغيرين. ويعالج العرض التالي عناصر متعلقة بالمنهج التجريبي، من مثل: تعريف المنهج التجريبي، وأنواع التصميمات التجريبية، وحالات تطبيقه، وخطوات تطبيقه، ومزاياه وعيوبه على النحو التالي:
1ـ تعريف المنهج التجريبي:
يقصد بالمنهج التجريبي، هو ذلك النوع من المناهج الذي يستخدم التجربة في اختبار فرض معين، ويقرر علاقة بين متغيرين، وذلك عن طريق الدراسة للمواقف المتقابلة التي ضبطت كل المتغيرات ما عدا المتغير الذي يهتم الباحث بدراسة تأثيره (جابر، وكاظم، 1985م).
ويعرف أيضاً بأنه "طريقة بحثية تتضمن تغييراً متعمداً ومضبوطاً للشروط المحددة لواقعة معينة مع ملاحظة التغيرات الناتجة عن ذلك، وتفسير تلك التغيرات" (الرشيدي، 2000م، ص95م).
2 ـ أنواع التصميمات التجريبية:
للمنهج التجريبي أربعة تصميمات، هي التصميمات التمهيدية، والتصميمات التجريبية، والتصميمات العاملية، والتصميمات شبه التجريبية، وفيما يلي نبذة موجزة عن أنواع التصميمات التجريبية: (العساف، 1989م)
أ ـ التصميمات التمهيدية: (أو الأولية):
وهي التي لا يستطيع الباحث أن يضبط المتغيرات الخارجية بصورة تمنع من تأثير أية عوائق، وتتمثل في: .
-
التصميم الأول:
ويعني تطبيق المتغير المستقل على مجموعة واحدة، هي المجموعة التجريبية، ثم يجرى لها اختبار بعدي؛ لمعرفة أثر المتغير المستقل على أفراد المجموعة.
-
التصميم الثاني:
ويعني إجراء اختبار قبلي على المجموعة التجريبية؛ بغية تحديد مستوى أفرادها قبل إجراء التجربة، ثم يطبق المتغير المستقل، وبعد ذلك يجرى لهم اختبار بعدي ؛ بقصد معرفة أثر التجربة عليهم.
-
التصميم الثالث:
ويعني أن هناك مجموعتين غير متكافئتين، الأولى تجريبية والثانية ضابطة، تجرى التجربة على المجموعة الأولى، بينما تحجب التجربة عن المجموعة الثانية، ثم يجرى اختبار بعدي للمجموعتين؛ بغية معرفة أثر التجربة، وبالتالي التمييز بين المجموعتين.
ب ـ التصميمات التجريبية (أو المثالية):
وهي التي يتم فيها اختيار أفراد المجموعة التجريبية عشوائياً، كما يتم فيها حصر المتغيرات الخارجية ذات الأثر على التجربة ما عدا المتغير المستقل. ومن تصميمات هذا النوع:
-
التصميم الأول:
ويعني أن هناك مجموعتين متكافئتين، الأولى تجريبية والثانية ضابطة، يتم تعيين أفراد كل مجموعة عشوائياً، ثم تُعرض المجموعتان لاختبار قبلي، ثم تخضع المجموعة الأولى للتجربة (المتغير المستقل)، وتحجب التجربة عن المجموعة الثانية، وبعد نهاية مدة التجربة، تُعرض المجموعتان لاختبار بعدي؛ بغية معرفة أثر التجربة على المجموعة الأولى.
-
التصميم الثاني:
ويعني أن هناك مجموعتين متكافئتين، الأولى تجريبية والثانية ضابطة، يتم اختيار أفراد كل مجموعة عشوائياً، لا يُجرى للمجموعتين اختبار قبلي، وتخضع المجموعة الأولى للتجربة (المتغير المستقل)، وتحجب التجربة عن المجموعة الثانية، وبعد نهاية مدة التجربة يجرى اختبار بعدي للمجموعتين؛ بهدف معرفة أثر التجربة على المجموعة الأولى.
-
التصميم الثالث:
ويعني أن هناك أربع مجموعات: مجموعتان تجريبيتان ومجموعتان ضابطتان، يتم اختيار أفرادها عشوائياً. ويجرى اختبار قبلي على مجموعتين تجريبية وضابطة، ويحجب عن مجموعتين تجريبية وضابطة، وتجرى التجربة (المتغير المستقل) على مجموعة تجريبية تعرضت لاختبار قبلي، ومجموعة تجريبية لم تتعرض لاختبار قبلي، وتحجب التجربة عن المجموعتين الضابطتين، وبعد نهاية مدة التجربة يجرى اختبار بعدي للمجموعات الأربعة؛ بقصد معرفة أثر التجربة على المجموعتين التجريبيتين.
جـ ـ التصميمات العاملية:
وهي التصميمات التي يستطيع الباحث بواسطتها دراسة أثر عدد من المتغيرات المستقلة. وتتمثل هذه التصميمات في:
-
التصميم الأول، ويرمز له (2×2):
ويعني اختيار أربع مجموعات تجريبية، يتم اختيار أفرادها عشوائياً، ثم تُعرض مجموعتان لمتغير مستقل، وتعرض مجموعتان لمتغير مستقل آخر لمدد زمنية، ثم تعرض جميع المجموعات لاختبار بعدي؛ بهدف معرفة أثر المتغيرين المستقلين على المجموعات التجريبية.
-
التصميم الثاني، ويرمز له (2×3):
ويعني اختيار ست مجموعات تجريبية، يتم اختيار أفرادها عشوائياً، ثم تعرض ثلاث مجموعات لمتغير مستقل، وتعرّض ثلاث مجموعات الأخرى لمتغير مستقل آخر خلال مدد زمنية، ثم تعرض جميع المجموعات لاختبار بعدي؛ بهدف قياس أثر المتغيرين المستقلين على المجموعات التجريبية.
-
التصميم الثالث، ويرمز له (3×3):
ويعني اختيار تسع مجموعات تجريبية، يتم اختيار أفرادها عشوائياً، ثم تعرض ثلاث مجموعات لمتغير مستقل، وثلاث مجموعات لمتغير مستقل ثانٍ، وثلاث مجموعات لمتغير مستقل ثالث خلال مدد زمنية، ثم تعرض جميع المجموعات لاختبار بعدي؛ بهدف قياس أثر المتغيرات الثلاثة على المجموعات التجريبية.
-
التصميم الرابع، ويرمز له (2×2×2):
ويعني اختيار ثمان مجموعات تجريبية، يتم اختيار أفرادها عشوائياً، ثم تعرّض مجموعتان لمتغير مستقل، ومجموعتان لمتغير مستقل ثانٍ، ومجموعتان لمتغير مستقل ثالث خلال مدد زمنية، ثم تعرّض جميع المجموعات لاختبار بعدي؛ بهدف قياس أثر المتغيرات الثلاثة على المجموعات التجريبية.
د ـ التصميمات شبه التجريبية (شبه المثالية):
وهي التي لا يتم فيها الإختيار العشوائي لأفراد المجموعات التجريبية والضابطة، ولا يتم ضبط المتغيرات الخارجية كما هو الحال في التصميمات التجريبية. ومن تصميمات هذا النوع :
-
التصميم الأول:
ويعني تعرّض مجموعة تجريبية واحدة لعدد من الإختبارات القبلية، ثم إخضاعها لمتغير مستقل، وبعد ذلك تعرّض المجموعة ذاتها لعدد من الاختبارات البعدية؛ بغية مقارنة نتائجها بنتائج الإختبارات القبلية؛ لمعرفة أثر المتغير المستقل.
-
التصميم الثاني:
ويعني تعريض مجموعتين تجريبية وضابطة غير متكافئتين لعدد من الإختبارات القبلية، ثم يتم إخضاع المجموعة التجريبية للتجربة (أي للمتغير المستقل)، بينما تحجب التجربة عن المجموعة الضابطة، ثم تعرض المجموعتان لعدد من الإختبارات البعدية.
-
التصميم الثالث:
ويعني أن يعين الباحث مجموعة تجريبية واحدة ثم يعرضها لمتغير مستقل في اللقاء الأول، ثم يجري اختباراً بعدياً عليها؛ بقصد معرفة أثر التجربة عليها، ثم يعرض المجموعة ذاتها لمتغير مستقل معتاد في اللقاء الثاني، وبعد ذلك يجري عليها اختباراً بعدياً، وفي اللقاء الثالث يعرض المجموعة نفسها للمتغير الأول، ويليه عمل اختبار بعدي، وفي اللقاء الرابع، يعرض المجموعة للمتغير المعتاد، وبعد ذلك يجري اختباراً بعدياً؛ وهذا كله بقصد مقارنة نتائج الاختبارين البعديين في اللقاءين الأول والثاني بنتائج الاختبارين البعديين في اللقاء الثالث والرابع؛ لمعرفة أثر المتغير المستقل الأول والمعتاد على أداء أفراد المجموعة التجريبية.
-
التصميم الرابع:
ويسمى بتدوير المجموعات، ويعني أن يتم اختيار أربع مجموعات تجريبية، ثم تخضع كل واحدة منها لأربع تجارب، يلي ذلك إجراء اختبار بعدي لكل واحد منها. ويتكرر إجراء التجارب الأربعة كما يتكرر إجراء الاختبار البعدي بعد الفراغ من التجربة لكل منها مراعياً تدوير التجارب والاختبار البعدي.
3 ـ أنواع المتغيرات:
هناك ثلاثة أنواع للمتغيرات التي قد يتأثر بها المتغير التابع، الأمر الذي يتطلب من الباحث القيام بعملية ضبط هذه المتغيرات؛ ليتسنى له إخضاع المجموعة التجريبية للمتغير المستقل. وتتمثل أنواع هذه المتغيرات فيما يلي: (عدس، 1997م)
أ ـ المتغيرات الخاصة بالمفحوصين:
وتتمثل في الخصائص المتوافرة في الأفراد الذين تجرى عليهم التجربة، من مثل: الجنس، والعمر، والتأهيل العلمي، والخبرة... الخ. ويفترض على الباحث هنا أن تكون المجموعتان التجريبية والضابطة متكافئتين .
ب ـ المتغيرات الخاصة بإجراءات التجربة:
وتتمثل في تعليمات التجربة، وأدواتها، وظروفها (زمنها ومكانها)؛ لضمان صحة النتيجة التي تتوصل إليها التجربة والمتعلقة بأن التغير في المتغير التابع يعود إلى تأثير المتغير المستقل فقط وليس إلى عوامل أخرى.
حـ ـ المتغيرات الخارجية:
وتتمثل في عوامل الطقس، من مثل: درجة الحرارة، والتهوية والضوضاء، والإضاءة، والزمن المخصص للتجربة، واختلاط أفراد المجموعتين معاً، وبالتالي استفادة أفراد المجموعة الضابطة من أفراد المجموعة التجريبية. هذه المتغيرات قد يكون لها تأثير في المتغير التابع، وبالتالي يزاحم أثر المتغير المستقل ويقلل من ظهوره.
4 ـ خطوات تطبيق المنهج التجريبي:
يتبع الباحث التربوي عدداً من الخطوات المرتبة عندما يريد أن يستخدم المنهج التجريبي. ويمكن توزيع هذه الخطوات إلى: خطوات عامة، أي يجوز تطبيقها مع أي منهج علمي، وخطوات خاصة، أي يقتصر تطبيقها على البحث الذي يستخدم المنهج التجريبي، وهي: (العساف، 1989م)
أ ـ الخطوات العامة، وتتمثل في:
-
تحديد ماهية المشكلة.
-
مراجعة الكتابات ذات الصلة بمشكلة البحث.
ب ـ الخطوات الخاصة، وتتمثل في:
-
تحديد مجتمع البحث، ثم عينة منه بواسطة الأسلوب العشوائي.
-
اختبار عينة البحث في موضوع التجربة اختباراً قبلياً.
-
تقسيم عينة البحث عشوائياً إلى مجموعتين، واختيار أحدهما عشوائياً لتكون مجموعة تجريبية.
-
إخضاع المجموعة التجريبية للتجربة أو للمتغير المستقل، ومنع التجربة عن المجموعة الأخرى والتي تسمى بالمجموعة الضابطة.
-
إجراء اختبار بعدي للمجموعتين: التجريبية والضابطة .
-
تحليل البيانات؛ بغية مقارنة نتائج الاختبار البعدي بنتائج الاختبار القبلي، باستخدام أسلوب إحصائي ملائم، وبالتالي تفسير النتائج.
-
عمل ملخص للبحث، تعرض فيه أهم النتائج التي توصل إليها البحث، والتوصيات والمقترحات التي يقترحها الباحث.
5 ـ مزايا وعيوب المنهج التجريبي:
هناك بعض المزايا والعيوب التي يتصف بها المنهج التجريبي، ومنها: (عدس، وآخرون، 2003م)
أ ـ مزايا المنهج التجريبي:
-
بمقدور الباحث تكرار التجربة أكثر من مرة؛ بقصد التأكد من صحة نتائج البحث.
-
بمقدور الباحث إشراك عدد من الباحثين في مطالعة النتائج.
-
بمقدور الباحث أن يتحكم في العوامل المؤثرة وذلك بضبطها أو عزلها، وبالتالي يتيح للمتغير المستقل أن يؤثر على المتغير أو المتغيرات التابعة .
ب ـ عيوب المنهج التجريبي:
-
يتطلب استخدام المنهج التجريبي اتخاذ إجراءات إدارية متعددة. فالباحث الذي يريد استخدام هذا المنهج قد لا يستطيع بمفرده القيام بالتجربة، مما يدفعه للاستعانة بجهات أخرى لمساعدته.
-
تطبق التجربة على عدد محدود من الأفراد، وبذلك يصعب تعميم نتائج التجربة إلا إذا كانت العينة ممثلة للمجتمع الأصلي تمثيلاً دقيقاً. وهذه غاية في الصعوبة إذ يتعذر على الباحث وجود مجموعتين متكافئتين تماماً في كل العوامل أو المتغيرات، وبذلك تتأثر نتائج التجربة بالفروق بين أفراد المجموعتين.
-
لا تزود التجربة الباحث ببيانات جديدة وإنما تمكنه من التحقق من صحة البيانات، ويتأكد من وجود علاقات معينة.
-
تعتمد دقة النتائج على الأدوات التي سيستخدمها الباحث في التجربة من مثل: الاختبارات. لذا يفترض على الباحث التدقيق في اختيار الأدوات المناسبة للقياس والتي تتسم بالدقة والصدق والثبات.
-
تتأثر دقة النتائج بمقدار ضبط الباحث للمتغيرات المؤثرة. وتزداد صعوبة عملية الضبط إذا كان البحث عن ظاهرة إنسانية.
-
تتم التجارب في ظروف مصطنعة بعيدة عن الظروف الطبيعية. ومما لا شك فيه أن الأفراد الذين يخضعون للتجربة قد يميلون إلى تعديل سلوكهم عن غير المألوف لديهم.
5 ـ أمثلة للبحوث التجريبية:
-
مناخ المدرسة الابتدائية وأثره على الرضا الوظيفي للمعلمين في محافظة الرياض.