نشأة علم النفس التربوي وتطوره
نشأة علم النفس التربوي وتطوره
أن ميدان علم النفس التربوي علم حديث التكوين رغم أن الكتابات الفلسفية القديمة قد أبدت إهتماماً بموضوعات التربية وعلم النفس . وقد أورد د. مروان ابو حويج تتبعاً تاريخياً لظهور ميدان علم النفس التربوي , ابو حويج (34:32:2000) . ذكر فية أن جوهانز فردريك هربارت (1776ـ1841) هو أول من بشر بالتربية كمجال تطبيقي لعلم النفس . فعند بداية انفصال علم النفس عن الفلسفة حاول هربارت الاستفادة من القوانين العامة لعلم النفس في النشاط المدرسي التعليمي .وقد اصبحت هذه القوانين والمبادئ النفسية تعرف منذ ذلك الوقت بعلم النفس التربوي .
ثم بعد ذلك اهتم فرانسيس جالتون (1812 ـ 1911) بميدان القياس العقلي الذي تم تطويرة بواسطة جيمس كاتل (1860 ـ 1944) وألفرد بينية
1857 ـ 1911) وقد أسهم هذا الميدان اسهاماً كبيراً في تحديد معالم علم النفس التربوي الحديث . حيث أصبح التقويم والقياس التربوي احد اهتمامات التربويين الاساسية . فكما هو معروف فإن ألفرد بينية صمم مقياس الذكاء للاطفال اعتماداً علي عينة كبيرة من تلاميذ المدارس . وهو مقياس ما زال معروفاً حتي اليوم فقد قام أحد الباحثين السودانيين هو الدكتور محمد عبد المجيد بتقنين للاستخدام علي الأطفال السودانيين بأشراف البروفسير الزبير بشير طة .
وفي العام 1891م أسس أستا نلي هول (ـ 1924) أول مجلة متخصصة في علم النفس النمو في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت هذه أول إضافة لسيكولوجية النمو الي علم النفس التربوي كمجال تطبيقي لقوانين النمو في التربية خاصة فيما يخص الصحة النفسية للتلاميذ .
وفي عام 1903م نشر العالم الكبير إدوار ثورنديك اول كتاب بعنوان (علم النفس التربوي) فاستحق بذلك لقب أول عالم نفس تربوي. ثم تأسست أول مجلة علمية لعلم النفس التربوي وكانت أول مقالة فيها بقلم ثورندايك ايضاً .
وثورندايك إذاً هو المؤسس الاول لعلم النفس التربوي الحديث فبالاضافة لنظريتة المعروفة في التعلم قام ثورندايك وآخرون بجمع التقارير العلمية النفسية التي لها علاقة بالتربية ونشرها في كتاب بعنوان " علم النفس التربوي" عام 1914م. كما قام آخرون بعد ذلك بدراسات في الذكاء وقياس القدرات العقلية في تعليم الحساب والجبر ، و تعليم المفردات اللغوية والقراءة وفى انتقاء لاثر التعلم . وقد قضى ثوروندايك حياته كلها استاذا لمادة علم النفس التربوى بكلية المعلمين بجامعة كولومبيا حتى عام 1949 غير ان الحرب العالمية الثانية والفترة التى تلتها كان لها اثر واضح في إحداث تطورات في ميادين التعليم والتعلم . فقد تحول علماء النفس الذين عملوا فى ميادين القوات المسلحة إلي مجالات التربية والتعليم بعد توقف الحرب . وكان من اثار توقف الحرب كثرة الإنجاب في أوربا وساهم ذلك في تطوير ميدان علم النفس عامة والتربوى خاصة لكثرة الدراسات التي أجريت على الأطفال وعلى المواد التعليمية واعداد البرامج وإجراء الاختبارات كما اتجه علماء النفس التربوي إلى تقويم البرامج التي تحقق الأهداف التعليمية كما يقول جابر عبد الحميد (1980: 16) .
ويذكر فؤاد أبو حطب وامال صادق (65،64:1988) إن ظهور علم النفس السلوكى الاجرائى دعّم بشكل كبير العلاقة بين التربية وعلم النفس . والمقصود هنا مساهمات المدرسة السلوكية في الولايات المتحدة الامريكية في الفترة التي تلت مساهمات ثورندايك فيما يعرف بنظرية الاشراط الإجرائي .
ويذكر الدكتور عبد الحميد نشوانى أن علم النفس التربوى مر خلال السنوات الأخيرة مرّ بالعديد من التطورات لدرجة يصعب معها تحديد موضوعه بدقة حتى أن إوز بل وهو أحد التربويين المعروفين يشكك في وجود ميدان سمى علم النفس التربوي : نشوائى (19:1996) .
ومع ذلك سنحاول في الصفحات التالية حصر الموضوعات التي يتطرق إليها علم النفس التربوي الحديث.