مدح التفكر في العو
قال ازدشير: ليس للأيام بصاحب من لم يتفكر في العواقب. يا عاقد اذكر حلاَّ. من لم ينظر في العواقب تعرض لحادثات النوائب. قال الشاعر:
ومن ترك العواقب مهملات ... فأيسر سعيه أبداً تبار
إقامة العذر باستعمال الحزم:
قيل: من استشار فيما نزل به صديقه واستخار ربه وأجهد رأيه، فقد مضى ما عليه وأمن رجوع الملامة إليه. وقيل: من أعجب الأشياء، جاهل يسلم بالتهوّر وعاقل يهلك بالتوقي. كشاجم: وعليَّ أن أسعى وليس عليَّ إدراك النجاح.
تفضيل الحزم على الجهل:
الحيلة أنفع من الغيلة. قال حكيم لابنه: كن بحيلتك أوثق منك بشدتك، فالحرب حرب للمتهور وغنيمة للمتحذر. وقيل: الإهتداء لوجه الحيلة، غنيمة جليلة، الموسوي:
ولست مقارعاً جيشاً ولكن ... برأيي يستضيء ذوو القراع
فضل التدبير وذويه:
نظام الأمر التدبير ورأس الأمر التقدير. من فعل بغير تدبير وقال بغير تقدير، لم يعدم من الناس هازئاً ولا حياً. وقيل: فلان يعرف من أين تؤكل الكتف، ويعرف منابت القصيص؛ وهما مثلان يقالان في من يعرف وجه الأمر.
الحث على الإشتغال بما يعنيك عما لا يعنيك:
قيل لبعض الحكماء: ما الحزم؟ قال: حفظ ما كلفت وترك ما كفيت. وقيل للأحنف: بم سدت قومك؟ قال: بتركي من أمرك ما لا يعنيني كما عناك من أمري ما لا يعنيك. وقال رجل لأفلاطون: لم تختمت في يمينك؟ فقال: لأعرف المتكلفين ومن يسأل عما لا يعنيه.
قال الشاعر:
ولا تعترض في الأمر تكفى شؤونه
ذم تارك ما يعنيه لما لا يعنيه:
ابن هرمة:
كتاركة بيضها بالعراء ... ومبلسة بيض أخرى جناحا
آخر: هراق الماء واتبع السرابا.
عتب من يضر نفسه لنفع غيره:
العباس بن الأحنف:
صرت كأني ذبالة نصبت ... تضيء للناس وهي تحترق
ذم الإقتصار على مجرد التوكل:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أرسل ناقتي وأتوكل؛ فقال: بل اعقلها وتوكل. مر الشعبي بإبل قد فشا فيها الجرب فقال لصاحبها: أما تداوي إبلك؟ فقال: إن لنا عجوزاً نتكل على دعائها. فقال: اجعل مع دعائها شيئاً من القطران! وفي كتاب كليلة: لا يمنع العاقل يقينه بالقدر من توقي المخوف بل ليجمع تصديقاً بالقدر وأخذاً بالحزم؛ قال الشاعر:
والمرء تلقاه مضياعاً لفرصته ... حتى إذا فات أمر عاتب القدرا
قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنه حين كره طواعين الشأم ورجع إلى المدينة: أتفر من قدر الله؟ قال: نعم إلى قدر الله. فقال له: أينفع الحذر من القدر؟ فقال: لسنا مما هناك في شيء، إن الله لا يأمر بما لا ينفع ولا ينهى عما لا يضر، وقد قال تعالى: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة. وقال تعالى: " خذوا حذركم " .