آداب طالب العلم في
آداب طالب العلم في دروسه
وهو
ثلاثة عشر نوعًا:
ويعتني
أولاً بصحيحي البخاري ومسلم، ثم ببقية الكتب الأعلام والأصول المعتمدة في هذا
الشأن كموطأ مالك وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه وجامع الترمذي ومسند الشافعي،
ولا ينبغي أن يقتصر على أقل من ذلك.
ويغتنم
وقت فراغه ونشاطه وزمن عافيته وشرخ شبابه ونباهة خاطره وقلة شواغله قبل عوارض
البطالة أو موانع الرياسة، قال عمر رضي الله عنه: تفقهوا قبل أن تسودوا. وقال
الشافعي رضي الله عنه: تفقه قبل أن ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه. وليحذر من
نظر نفسه بعين الجمال والاستغناء عن المشايخ فإن ذلك عين الجهل وقلة المعرفة وما
يفوته أكثر مما حصله وقد تقدم قول سعيد بن جبير: لا يزال الرجل عالمًا ما تعلم،
فإذا ترك التعلم وظن أنه قد استغنى أسوأ جهل ما يكون.
أن
يتأدب مع حاضري مجلس الشيخ فإنه أدب معه واحترام لمجلسه وهم رفقاؤه فيوقر أصحابه
ويحترم كبراءه وأقرانه، ولا يجلس وسط الحلقة ولا قدام أحد إلا لضرورة كما في مجالس
التحديث ولا يفرق بين رفيقين ولا بين متصاحبين إلا بإذنهما معًا ولا فوق من هو
أولى منه.
أن
لا يستحيي من سؤال ما أشكل عليه وتفهم ما لم يتعقد بتلطف وحسن خطاب وأدب وسؤال.
قال عمر رضي الله عنه: من رق وجهه رق علمه، وقد قيل: من رق وجهه عند السؤال ظهر
نقصه عند اجتماع الرجال، وقال مجاهد: لا يتعلم العلم مستحيي ولا مستكبر. وقالت
عائشة رضي الله عنها: رحم الله نساء الأنصار لم يكن الحياء يمنعهن أن يتفقهن في
الدين. وقالت أم سليم رضي الله عنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله
لا يستحيي من الحق، هل على امرأة من الغسل إذا احتلمت؟
وكذلك
إذا كان للمتأخر حاجة ضرورية وعلمها المتقدم أو أشار الشيخ بتقدمه فيستحب إيثاره،
فإن لم يكن شيء من ذلك ونحوه فقد كره قوم الإيثار بالنوبة لأن قراءة العلم
والمسارعة إليه قربة والإيثار بالقرب مكروه، ويحصل تقدم النوبة بتقدم الحضور في
مجلس الشيخ أو إلى مكانه، ولا يسقط حقه بذهابه إلى ما يضطر إليه من قضاء حاجة
وتجدد وضوء إذا عاد بعده.
النوع الأول:
أن يبتدئ أولاً بكتاب الله العزيز فيتقنه حفظًا ويجتهد على إتقان تفسيره وسائر
علومه، فإنه أصل العلوم وأمها وأهمها.
ثم يحفظ من كل فن مختصرًا يجمع فيه بين طرفيه من الحديث وعلومه، والأصولين والنحو
والتصريف، ولا يشتغل بذلك كله عن دراسة القرآن وتعهده وملازمة ورده منه في كل يوم
أو أيام أو جمعة كما تقدم، وليحذر من نسيانه بعد حفظه فقد ورد فيه أحاديث تزجر
عنه.
ويشتغل بشرح تلك المحفوظات على المشايخ وليحذر من الاعتماد في ذلك على الكتب
أبدًا، بل يعتمد في كل فن من هو أحسن تعليمًا له وأكثر تحقيقًا فيه وتحصيلاً منه
وأخبرهم بالكتاب الذي قرأه وذلك بعد مراعاة الصفات المقدمة من الدين والصلاح
والشفقة وغيرها.
فإن كان شيخه لا يجد من قراءته وشرحه على غيره معه فلا بأس بذلك، وإلا راعى قلب
شيخه إن كان أرجاهم نفعًا لأن ذلك أنفع له وأجمع لقلبه عليه، وليأخذ من الحفظ
والشرح ما يمكنه ويطيقه حاله من غير إكثار يمل ولا تقصير يخل بجودة التحصيل.
الثاني:
أن يحذر في ابتداء أمره من الاشتغال في الاختلاف بين العلماء أو بين الناس مطلقًا
في العقليات والسمعيات؛ فإنه يحير الذهن ويدهش العقل، بل يتقن أولاً كتابًا واحدًا
في فن واحد، أو كتبًا في فنون إن كان يحتمل ذلك على طريقة واحدة يرتضيها له شيخه،
فإن كانت طريقة شيخه نقل المذاهب والاختلاف ولم يكن له رأي واحد، قال الغزالي:
فليحذر منه فإن ضرره أكثر من النفع به.
وكذلك يحذر في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات فإنه يضيع زمانه ويفرق
ذهنه بل يعطى الكتاب الذي يقرؤه أو الفن الذي يأخذه كليته حتى يتقنه، وكذلك يحذر
من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب فإنه علامة الضجر وعدم الإفلاح.
الثالث:
أن يصحح ما يقرؤه قبل حفظه تصحيحًا متقنًا إما على الشيخ أو على غيره مما يعينه،
ثم يحفظه بعد ذلك حفظًا محكمًا ثم يكرر عليه بعد حفظه تكرارًا جيدًا، ثم يتعاهده
في أوقات يقررها لتكرار مواضيه، ولا يحفظ شيئًا قبل تصحيحه لأنه يقع في التحريف
والتصحيف، وقد تقدم أن العلم لا يؤخذ من الكتب فإنه من أضر المفاسد.
وينبغي أن يحضر معه الدواة والقلم والسكين للتصحيح ولضبط ما يصححه لغة وإعرابًا.
وإذا رد الشيخ عليه لفظه وظن أن رده خلاف الصواب أو علمه كرر اللفظة مع ما قبلها
لينتبه لها الشيخ أو يأتي بلفظ الصواب على سبيل الاستفهام فربما وقع ذلك سهوًا أو
سبق لسان لغفلة، ولا يقل بل هي كذا بل يتلطف في تنبيه الشيخ لها فإن لم ينتبه قال
فهل يجوز فيها كذا، فإن رجع الشيخ إلى الصواب فلا كلام وإلا ترك تحقيقها إلى مجلس
آخر بتلطف لاحتمال أن يكون الصواب مع الشيخ. وكذلك إذا تحقق خطأ الشيخ في جواب
مسألة لا يفوت تحقيقه ولا يعسر تداركه فإن كان كذلك كالكتابة في رقاع الاستفتاء
وكون السائل غريبًا أو بعيد الدار أو مشنعًا تعين تنبيه الشيخ على ذلك في الحال
بإشارة أو تصريح، فإن ترك ذلك خيانة للشيخ فيجب نصحه بتلفظه لذلك بما أمكن من تلطف
أو غيره.
وإذا وقف على مكان كتب قبالته بلغ العرض والتصحيح.
الرابع:
أن يبكر بسماع الحديث ولا يهمل الاشتغال به وبعلومه والنظر في إسناده ورجاله
ومعانيه وأحكامه وفوائده ولغته وتواريخه
ونعم المعين للفقيه كتاب السنن الكبير لأبي بكر البيهقي، ومن ذلك المسانيد كمسند
أحمد بن حنبل وابن حميد والبزار.
ويعتني بمعرفة صحيح الحديث وحسنه وضعيفه ومسنده ومرسله وسائر أنواعه فإنه أحد
جناحي العالم بالشريعة المبين لكثير من الجناح الآخر وهو القرآن.
ولا يقنع بمجرد السماع كغالب محدثي هذا الزمان بل يعتني بالدراية أشد من اعتنائه
بالرواية، قال الشافعي رضي الله عنه: من نظر في الحديث قويت حجته لأن الدراية هي
المقصود بنقل الحديث وتبليغه.
الخامس:
إذا شرح محفوظاته المختصرات وضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات انتقل إلى
بحث المبسوطات مع المطالعة الدائمة وتعليق ما يمر به أو يسمعه من الفوائد النفيسة
والمسائل الدقيقة والفروع الغريبة وحل المشكلات والفروق بين أحكام المتشابهات من
جميع أنواع العلوم، ولا يستقل بفائدة يسمعها أو يتهاون بقاعدة يضبطها بل يبادر إلى
تعليقها وحفظها ولتكن همته في طلب العلم عالية فلا يكتفي بقليل العلم مع إمكان
كثيره ولا يقنع من إرث الأنبياء صلوات الله عليهم بيسيره ولا يؤخر تحصيل فائدة
تمكن منها أو يشغله الأمل والتسويف عنها فإن للتأخير آفات، ولأنه إذا حصلها في
الزمن الحاضر حصل في الزمن الثاني غيرها.
وإذا كملت أهليته وظهرت فضيلته ومر على أكثر كتب الفن أو المشهورة منها بحثًا
ومراجعة ومطالعة اشتغل بالتصنيف، وبالنظر في مذاهب العلماء، سالكًا طريق الإنصاف
فيما يقع له من الخلاف كما تقدم في أدب العالم.
السادس:
أن يلزم حلقة شيخه في التدريس والإقراء بل وجميع مجالسه إذا أمكن فإنه لا يزيده
إلا خيرًا وتحصيلاً وأدبًا وتفضيلاً، كما قال علي رضي الله عنه في حديثه المتقدم.
ولا تشبع من طول صحبته فإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء، ويجتهد على
مواظبته في خدمته والمسارعة إليها فإن ذلك يكسبه شرفًا وتبجيلاً.
ولا يقتصر في الحلقة على سماع درسه فقط إذا أمكنه فإن ذلك علامة قصور الهمة وعدم
الفلاح وبطء التنبه بل يعتني بسائر الدروس المشروحة ضبطًا وتعليقًا ونقلاً، وإن
احتمل ذهنه ذلك ويشارك أصحابها حتى كأن كل درس منها له ولعمري أن الأمر كذلك
للحريص فإن عجز عن ضبط جمعها اعتنى بالأهم فالأهم منها.
وينبغي أن يتذاكر مواظبو مجلس الشيخ ما وقع فيه من الفوائد والضوابط والقواعد وغير
ذلك، وأن يعيدوا كلام الشيخ فيما بينهم فإن في المذاكرة نفعًا عظيمًا، وينبغي
المذاكرة في ذلك عند القيام من مجلسه قبل تفرق أذهانهم وتشتت خواطرهم وشذوذ بعض ما
سمعوه عن أفهامهم ثم يتذاكرونه في بعض الأوقات.
فإن لم يجد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه، وكرر معنى ما سمعه ولفظه على قلبه
ليعلق ذلك على خاطره فإن تكرار المعنى على القلب كتكرار اللفظ على اللسان سواء
بسواء، وقل أن يفلح من يقتصر على الفكر والتعقل بحضرة الشيخ خاصة ثم يتركه ويقوم
ولا يعاوده.
السابع:
إذا حضر مجلس الشيخ سلم على الحاضرين بصوت يسمع جميعه ويخص الشيخ بزيادة تحية
وإكرام، وكذلك يسلم إذا انصرف.
وعد بعضهم حلق العلم في حال أخذهم فيه من المواضع التي لا يسلم فيها وهذا خلاف ما
عليه العرف والعمل لكن يتجه ذلك في شخص واحد مشتغل بحفظ درسه وتكراره، وإذا سلم
فلا يتخطى رقاب الحاضرين إلى قرب الشيخ من لم يكن منزلته كذلك، بل يجلس حيث انتهى
به المجلس كما ورد في الحديث، فإن صرح له الشيخ والحاضرون بالتقدم أو كانت منزلته
أو كان يعلم إيثار الشيخ والجماعة لذلك فلا بأس.
ولا يقيم أحدًا من مجلسه أو يزاحمه قصدًا، فإن آثره الغير بمجلسه لم يقبله إلا أن
تكون في ذلك مصلحة يعرفها القوم وينتفعون بها من بحثه مع الشيخ لقربه منه أو لكونه
كبير السن أو كثير الفضيلة والصلاح.
ولا ينبغي لأحد أن يؤثر بقربه من الشيخ ـ إلا لمن هو أولى بذلك لسنه أو علمه أو
صلاحه بل يحرص على القرب من الشيخ ـ إذا لم يرتفع في المجلس على من هو أفضل منه.
وإن كان الشيخ في صدر مكان فأفضل الجماعة أحق بما على يمينه ويساره وإن كان على
طرف صفة أو نحوها فالمبجلون مع الحائط أو مع طرفها قبالته.
وقد جرت العادة في مجالس التدريس بجلوس المتميز قبالة وجه المدرس أو المبجلين من
معيد أو زائر عن يمينه أو يساره، وينبغي للرفقاء في درس واحد أو دروس أن يجتمعوا
في جهة واحدة ليكون نظر الشيخ إليهم جميعًا عند الشرح ولا يخص بعضهم في ذلك دون
بعض.
الثامن
وينبغي للحاضرين إذا جاء القادم أن يرحبوا به ويوسعوا له ويتوسعوا لأجله، ويكرموه
بما يكرم به مثله، وإذا فسح له في المجلس وكان حرجًا ضم نفسه.
ولا يتوسع ولا يعطي أحدًا منهم جنبه ولا ظهره، ويتحفظ من ذلك ويتعهده عند بحث
الشيخ له، ولا يجنح على جاره أو يجعل مرفقه قائمًا في جنبه أو يخرج عن نسق الحلقة
بتقدم أو تأخر.
ولا يتكلم في أثناء درس غيره أو درسه بما لا يتعلق به أو بما يقطع عليه بحثه، وإذا
شرع بعضهم في درس فلا يتكلم بكلام يتعلق بدرس فرغ ولا بغيره مما لا تفوت فائدة إلا
بإذن من الشيخ وصاحب الدرس.
وإن أساء بعض الطلبة أدبًا على غيره لم ينهره غير الشيخ إلا بإشارته أو سرًا
بينهما على سبيل النصيحة، وإن أساء أحد أدبه على الشيخ تعين على الجماعة انتهاره
ورده والانتصار للشيخ بقدر الإمكان وفاء لحقه، ولا يشارك أحد من الجماعة أحدًا في
حديثه ولا سيما الشيخ. قال بعض الحكماء: من الأدب أن لا يشارك الرجل في حديثه وإن
كان أعلم به منه، وأنشد الخطيب في هذا المكان:
وإن عرفت فرعه وأصله
ولا تشارك في الحديث أهله
فإن علم
ولبعض العرب:
تمام العمى طول السكوت على الجهل
وليس العمى طول السؤال وإنما
ولا يسأل عن شيء في غير موضعه إلا لحاجة أو علم بإيثار الشيخ ذلك، وإذا سكت الشيخ
عن الجواب لم يلح عليه، وإن أخطأ في الجواب فلا يرد في الحال عليه وقد تقدم، وكما
لا ينبغي للطالب أن يستحيي من السؤال فكذلك لا يستحيي من قوله لم أفهم إذا سأله
الشيخ لأن ذلك يفوت عليه مصلحته العاجلة والآجلة، أما العاجلة فحفظ المسألة
ومعرفتها واعتقاد الشيخ فيه الصدق والورع والرغبة، والآجلة سلامته من الكذب
والنفاق واعتياده التحقيق.
قال الخليل: منزلة الجهل بين الحياء والأنفة، وقد تقدم في أدب العالم أنه لا يسأل
المستحيي هل فهمت، بل يتوصل إلى العلم بفهمه بطرح المسائل فإن سأله فلا يقول نعم،
حتى يتضح له المعنى اتضاحًا جليًا كيلا يفوته الفهم ويدركه بكذبه الإثم.
العاشر:
مراعاة نوبته فلا يتقدم عليه بغير رضا من هي له، روي أن أنصاريًا جاء إلى النبي -
صلى الله عليه وسلم - يسأله وجاء رجل من ثقيف، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
يا أخا ثقيف إن الأنصاري قد سبقك بالمسألة فاجلس كيما نبدأ بحاجة الأنصاري قبل
حاجتك.
قال الخطيب: يستحب للسابق أن يقدم على نفسه من كان غريبًا لتأكد حرمته ووجوب ذمته،
وروي في ذلك حديثان عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم.
التاسع:
وإذا تساوق اثنان وتنازعا أقرع بينهما أو يقدم الشيخ أحدهما إن كان متبرعًا، وإن
كان عليه إقراؤهما فالقرعة ومعيد المدرسة إذا شرط عليه إقراء أهلها فيها في وقت
فلا يقدم عليهم الغرباء فيه بغير إذنهم.
الحادي عشر:
أن يكون جلوسه بين يدي الشيخ على ما تقدم تفصيله وهيأته في أدبه مع شيخه ويحضر
كتابه الذي يقرأ منه معه ويحمله بنفسه ولا يضعه حال القراءة على الأرض مفتوحًا بل
يحمله بيديه ويقرأ منه، ولا يقرأ حتى يستأذن الشيخ، ذكره الخطيب عن جماعة من
السلف، وقال: يجب أن لا يقرأ حتى يأذن له الشيخ.
ولا يقرأ عند شغل قلب الشيخ أو ملله أو غمه أو غضبه أو جوعه أو عطشه أو نعاسه أو
استيفازه أو تعبه.
وإذا رأى الشيخ قد آثر الوقوف اقتصر ولا يحوجه إلى قوله اقتصر، وإن لم يظهر له ذلك
فأمره بالاقتصار اقتصر حيث أمره ولا يستزيده، وإذا عين له قدرًا فلا يتعداه، ولا
يقول طالب لغيره اقتصر، إلا بإذن الشيخ أو ظهور إيثاره ذلك.
الثاني عشر:
إذا حضرت نوبته استأذن الشيخ كما ذكرناه فإذا أذن له استعاذ بالله من الشيطان
الرجيم، ثم يسمي الله تعالى ويحمده، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى
آله وصحبه، ثم يدعو للشيخ ولوالديه ولمشايخه ولنفسه ولسائر المسلمين، وكذلك يفعل
كلما شرع في قراءة درس أو تكراره أو مطالعته أو مويترحم
على مصنف الكتاب عند قراءته، وإذا دعا الطالب للشيخ قال: ورضي الله عنكم أو عن
شيخنا وإمامنا ونحو ذلك، ويقصد به الشيخ، وإذا فرغ من الدرس دعا للشيخ أيضًا،
ويدعو الشيخ أيضًا للطالب كلما دعا له، فإن ترك الطالب الاستفتاح بما ذكرناه جهلاً
أو نسيانًا نبهه عليه وعلمه إياه وذكره به، فإنه من أهم الآداب، وقد ورد الحديث في
ابتداء الأمور المهمة بحمد الله تعالى، وهذا منها.
الثالث عشر:
أن يرغب بقية الطلبة في التحصيل ويدلهم على مظانه ويصرف عنهم الهموم المشغلة عنه
ويهون عليهم مؤنته ويذاكرهم بما حصله من الفوائد والقواعد والغرائب وينصحهم
بالدين، فبذلك يستنير قلبه ويزكو عمله ومن بخل عليهم لم يثبت علمه، وإن ثبت لم
يثمر، وقد جرب ذلك جماعة من السلف، ولا يفخر عليهم أو يعجب بجودة ذهنه بل يحمد
الله تعالى على ذلك ويستزيده منه بدوام شكره.
قابلته في حضور الشيخ أو في غيبته
إلا أن يخص الشيخ بذكره في الدعاء عند قراءته عليه.